ينبغي على الدُّعاة أن يكونوا خير قدوة لعموم المسلمين فكيف السبيل إلى ذلك..

ضرورة محاسبة النفس وتفقد آفاتها وخاصة الدُّعاة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد..

فما أحوجنا معاشر الدعاة اليوم والمسلمين بعامة إلى وقفة طويلة مع أنفسنا ومحاسبتها والنظر في قلوبنا وأعمالنا والتفتيش عن أحوالنا الباطنة والظاهرة ومدى قربها أو بعدها عن مرضاة الله أو سخطه، ذلك لأن الاهتمام بدعوة الآخرين ومشاريع الدعوة المتعدية الى الغير قد ينسينا دعوة أنفسنا إلى الله والسعي في تزكيتها وتهذيبها والتخلص من آفاتها فلا جرم كان علينا أن نجعل لأنفسنا حظاًّ من أوقاتنا لتربيتها وتفقد قصورها سواء في الفهم والاعتقاد أو في العبادة أو الأخلاق والمعاملات وذلك حتى تستقيم على أمر الله ويلقي الله عز وجل لها القبول ويكون لها الأثر الطيب بين الناس. وقد تأملت في نفسي ومن أعرف من بعض الدعاة فرأيت التقصير في محاسبة النفس في جوانب كثيرة من شرائع الدين وشعائره ظهر عندنا فيها تفريط أو إفراط والحق وسط بينهما ولنتذكر قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2-3].

وقوله سبحانه عن نبيه شعيب عليه السلام قوله: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) [هود: 88].

وقوله سبحانه: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [البقرة: 44]. يقول سيد قطب رحمه الله تعالى عند هذه الآية: (والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعية إليه هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها. وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم لأنهم يسمعون قولاً جميلاً ويشهدون فعلاً قبيحاً فتتملكهم الحيرة من التناقض بين القول والفعل فتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة وينطفئ في قلوبهم النور الذي شعه الإيمان ولا يعودون يثقون في الدين بعدما فقدوا ثقتهم أنفسهم برجاله إن الكلمة لتنبعث ميته وتظل هامدة مهما تكن طنانة رنانة متحمسة اذا هي لم تنبعث من قلب مؤمن بها ولن يؤمن انسان بما يقول حقاً إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول لما تبطن عندئذ يؤمن الناس ويثق الناس ولو لم يكن في الكلمة طنين ولا بريق إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينها وتستمد جمالها من صدقها لا من بريقها إنها تستحيل يومئذ دفعه حياة لأنها منبثقة من حياة.

والمطابقة بين القول والعقل ومن العقيدة والسلوك ليست مع هذا أمراً هيناً ولا طريقاً معبداً إنها في حاجة إلى رياضة وجهد ومحاولة وإلى صلة بالله واستمداد العون منه) انتهي.

وما أحسن ما قاله أبو الأسود الدؤلي:

يا أيها الرجل المعلم غيره ** هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى** كي يصح به وأنت سقيم

ابدأ بنفسك وانهها عن غيها** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويهتدى ** بالقول منك وينفع التعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله** عار عليك إذا فعلت عظيم

بعض الآفات المنتشرة اليوم

وبعد هذه المقدمة أذكر ما يحضرني من الآفات المنتشرة اليوم مما ينبغي أن نحذره ونقلع عنه معاشر الدعاة:

الآفة الأولى: آفة الرياء والسمعة وحب الظهور والشهرة وهذه من أعظم الآفات التي تذهب الحسنات وتحبط الأعمال. ومداخل الرياء كثيرة ودقيقة إن لم ينتبه إليها الداعية ويفتش عنها أهلكته وأحبطت أعماله في يوم يكون فيه أشد حاجة وفاقة اليها. ومما تعالج به هذه الآفة طلب الإخلاص من الله عز وجل والاستعاذة به من هذا الشرك الخفي كما في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه بأن يقول «اللهم إني أعوذُ بك أن أشركَ بك وأنا أعلمُ وأستغفرُك لما لا أعلمُ» 1[رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب]. ومما يجنب العبد آفة الرياء وطلبه الدنيا بالدين يقينه بأن كل عمل شابه الرياء أو أراد به الدنيا سيذهب هباء منثورًا يوم القيامة بل وتحل عليه العقوبة على شركه حيث أنه من أعظم الكبائر وهو أعظم من كبيرة الزنا والربا فذنب سماه الرسول صلى الله عليه وسلم شركاً أعظم من ذنب هو كبيرة ولم يسمه شركاً، ومما يدخل في الرياء حديث الانسان عن انجازاته ومشاريعه الدعوية واسفاره وابتلاءاته، وكثرة متابعيه.

الآفة الثانية: آفة الكبر والكبر كما جاء في الحديث الصحيح هو (بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ) 2[صحيح مسلم]. أي رد الحق بالهوى واحتقار الناس ومثل هذه الآفات يقع بها كثير منا وهو يشعر أو لا يشعر فليفتش كل منا في نفسه وما تنطوي عليه من رد للحق واحتقار للغير.

الآفة الثالثة: العجب والغرور وهو أثر من آثار الكبر حيث يرى العبد أنه أرفع من غيره في دينه أو دنياه ويعجب بنفسه وينسب إليها الأعمال ويزدري غيره. ومما يعالج به العجب معرفة العبد لربه سبحانه وأنه المتفضل وحده عليه في أي نعمة دينية أو دنيوية كما يعرف نفسه بالتقصير والعجز والضياع ولو وكله الله عز وجل إلى نفسه لضاع وخسر وضل ضلالاً مبينًا.

الآفة الرابعة: آفة الحقد والحسد وهاتان الآفتان كامنتان في قلوب كثير من الناس فعلينا أن نفتش عنها ونسعى للتخلص منها وأن نسائل أنفسنا إن كنا نحب للمسلمين ما نحب لأنفسنا ونكره لهم ما نكره لأنفسنا أم أن الأمر بعكس ذلك.

الآفة الخامسة: الخوف من المخلوق الخوف الشركي أو المحرم والخوف الشركي هو الذي يوقع صاحبه في الشرك أو الكفر خوفاً من مخلوق على رزق أو أجل والخوف المحرم هو الذي يوقع صاحبه في الحرام خوفاً من المخلوق كمن يقع في أكل الربا خوفاً على عياله من الجوع والفقر وكمن يوفر لأهله وأولاده قنوات الفجور في بيته خوفاً من زوجة أو ولد وكمن يداهن مخلوقاً رغبة في منصب أو ترقية خوفاً من أن يحوله بينه وبين ذلك.

الآفة السادسة: آفة إطلاق البصر وهذه الآفة الخطيرة التي لا يسلم منها إلا من رحم الله تعالى ولكن من مقل ومكثر ولاسيما في هذه الأزمنة التي انتشرت فيه فتنة النساء وصورهن وانتشرت الوسائل الكثيرة التي تنشرها من مجلات وتلفاز وأفلام وجوال ونت وغير ذلك حيث أن صور النساء تلاحق المسلم ولو كان كارهاً لها وقد سهل الله الوصول إلى هذه الصور ابتلاء وامتحاناً من الله عز وجل لعباده وليميز بين من يخافه بالغيب ومن لا يخافه وفي غالب الصور التي يتعرض لها البصر صور النساء الكاسيات العاريات وأكثرهن من المومسات حيث لا ينفك الداخل الى النت من أن تخرج له كل لحظة صورة أو أكثر من صور المومسات وهذه تورث قسوة في القلب ومرضاً وقد تتكاثر عليه فيدمن عليها وتهلكه وقد كان من دعاء أم جريج على جريج حينما لم يجبها قولها (اللهم لا تمته حتى يرى المومسات) فالنظر إلى وجوه المومسات عقوبة خطيرة.

الآفة السابعة: آفات اللسان وما أكثرها اليوم عند أكثر الناس ومنهم بعض الدعاة ومن أخطرها (الغيبة- النميمة- الفحش في القول والسخرية والاستهزاء- الكذب) وقد يتلاعب الشيطان بالداعية فيخرج غيبته أو نميمته في قالب نصح وتحذير وتوجع.

الآفة الثامنة: آفات السمع وما أكثرها اليوم حيث كثرت موارد السمع في وسائل الإعلام المتعددة ومن آفات السمع (سماع الغيبة والنميمة- سماع آلات اللهو ولا سيما في الإذاعات والقنوات والنت حيث لا يخلو موقعاً ولا خبراً ولا فلماً من مصاحبة الموسيقى له. ومن آفات السمع سماع الفحش من القول ولاسيما ما يتعلق بأصوات النساء اللاتي يخضعن بالقول وجرأة بعضهن في الحديث عن خصوصياتهن ومغامراتهن.

الآفة التاسعة: تساهل بعض الدعاة في الهدي الظاهر وسنن الفطرة من اعفاء اللحية وحف الشارب والتساهل في إسبال الثياب.

الآفة العاشرة: الإغراق في المباحات والترف والإسراف والركون إلى الدنيا ومتاعها الزائل وهذا يتناقض مع ما يدعو إليه الداعية من الزهد في الدنيا وتذكر الآخرة ويشتد خطر هذه الآفة إذا حمل الإنسان الديون على ظهره لتوفير الكماليات.

الآفة الحادية عشر: الانشغال بعيوب الناس وعثراتهم ونسيان عيوب النفس وآفاتها والسعي للفرقة بين المسلمين والفرح بما يصيب بعض الدعاة والمجاهدين من الابتلاءات، وكثرة انتقادهم والثناء على الظلمة والمنافقين.

الآفة الثانية عشر: ضعف عقيدة الولاء والبراء والحب في الله والبغض بالله والمعاداة فيه والموالاة فيه وتغليب الحمية لروابط أرضية جاهلية على رابطة التوحيد والعقيدة كرابطة القومية أو الوطنية أو القبلية أو الإنسانية أو أن الحب والبغض لأجل الدنيا ومصالحها.

الآفة الثالثة عشر: إهمال الداعية أهله وأولاده وتعليمهم وتربيتهم وأمرهم بالحشمة والستر والعفاف ومن ذلك التساهل مع مولياته في سفرهن بلا محرم أو اختلاطهن بالأجانب أو وقوعهن في الخلوة المحرمة كركوبها مع السائق وحدها أو خلوة الطبيب بها في العيادة وما ذاك إلا من ضعف الغيرة.

الآفة الرابعة عشر: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا سيما في ما لا يسبب على الداعية ضرراً كأمره ونهيه في بيته وما يراه من منكر أمامه في الشارع أو محلات البيع والشراء.

الآفة الخامسة عشر: غفلته عن مكايد الأعداء ومكرهم وخططهم مما من شأنه أن ينطلي عليه تلبيسهم والانخداع بهم مما قد يؤدي إلى الركون إليهم واستخفافهم به وتوظيفهم له في معاداة الدعاة والمصلحين وتمرير الفساد وإعاقة مشاريع الإصلاح.

الآفة السادسة عشر: التفريط في صلاة الجماعة أو بعضها ولا سيما صلاة الفجر والتأخير عن الصف الأول وشهود تكبيرة الإحرام فضلاً عن فوات الرواتب والوتر وقيام الليل وأذكار اليوم والليلة.

الآفة السابعة عشر: آفة الظلم بداية من ظلم ذوي القربى ولاسيما التفريط في حقوق الوالدين والاولاد والزوجات والإخوان والأخوات ومنعهم حقوقهم أو الاعتداء على غيرهم من المسلمين في نفس أو عرض أو مال والتساهل في ديون الناس والمماطلة في أدائها.

الآفة الثامنة عشر: الفظاظة والغلظة في القول أو العمل وهذه من أسباب نفور الناس عن الداعية بل ونفور أقرب الناس اليه وقد نزه الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن هذه الصفة وغيرها من الصفات المذمومة فقال (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ومما يلحق بالغلظة تقطيب الوجه والشدة في القول والعبوس في وجوه الناس وعدم التبسم معهم وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طلاقة الوجه والتبسم في وجه المسلم وذلك في قوله « لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ) 3[رواه مسلم]. وقوله صلى الله عليه وسلم « بَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ » 4[رواه الترمذي، وصححه الألباني (سنن الترمذي؛ برقم: [1956] ]. و قد يتلاعب الشيطان ببعض الدعاة فيخرج هذه الغلظة والعبوس في قالب الوقار والهيبة.

الآفة التاسعة عشر: الغلو في الحب والبغض والتعصب للأشخاص والمشايخ والجماعات وقد جاء عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قوله «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا ما، عَسَى أن يَكُون بَغِيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما عسى أن يكونَ حَبِيبَكَ يومًا ما» والبغض والتعصب والتحزب يعمي ويصم بحيث لا يرى المتعصب الغالي فيمن يحب إلا الحسنات وكأنه معصوم لا يجري عليه الخطأ ويقابل ذلك غلوه في البغض فلا يرى في خصمه المبغض إلا السيئات وكأن ليس له حسنة تذكر.

الآفة العشرون: أخذ الداعية على دعوته وجولاته ودروسه أجرًا من غير حاجة بل والمبالغة في ذلك سواء في ما يطلبه في أسفاره لإلقاء المحاضرات أو المواعظ من السكن الفاخر والسيارة الفارهة وأحدث الجوالات والأكل في أفخر المطاعم وقد أخبرنا الله عز وجل عن أنبيائه عليهم الصلاة والسلام قولهم (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: 109] وقوله (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [المؤمنون: 72]

الآفة الحادية والعشرون: تساهل بعض الدعاة ولاسيما بعض المشرفين على الجمعيات الخيرية أو الأوقاف في صرف التبرعات الواردة أو الأموال الوقفية حيث يفرط في هذه الأموال وتصرف في غير مصارفها كوضعها في جوائز باهظة وحفلات وأكلات متنوعة أو رواتب للموظفين عالية أو سيارات فارهة

الآفة الثانية والعشرون: التساهل في التصوير واقتناء الصور من غير حاجة ولا ضرورة ولقد أصبحت هذه الآفة عامة وطامة لم يسلم منها إلا من رحم الله تعالى مع أنه قد جاءت أدلة صريحة وصحيحة في حرمتها والتحذير منها بل قد جاء اللعن لمرتكبها وهذا يجعلها من كبائر الذنوب ومع ما ورد من أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة إلا أن كثير من بيوت المسلمين اليوم ومنها بيوت الدعاة لا تخلوا من هذه الصور بل قد يتجاوز بعض الناس في اقتناء الصور إلى تعليقها في المجالس وعلى المكاتب والعياذ بالله وهذا يزيدها إثماً وشناعة.

الآفة الثالثة والعشرون: السفر لبلاد الكفر والفسوق من غير ضرورة وحاجة وإنما لمجرد المتعة والسياحة مع ما يتعرض له المسلم هناك من الفتن والمنكرات العظيمة ولا سيما فتنة النساء والشبهات والشهوات وتعظم هذه الآفة قبحاً حينما يصطحب الشخص فيها نساءه وأولاده.

الآفة الرابعة والعشرون: ضياع العمر والوقت فيما لا ينفع في الآخرة أو فيما يضره فيها وذلك من السهر الطويل على أكل وشرب ولهو ولعب ان لم يضر لم ينفع والذي من شأنه تفويت صلاة الفجر وفوات كثير من الطاعات وذهاب ساعات العمر هباءً, وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: « نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصَّحَّةُ والفَّراغُ». 5(رواه البخاري).

الآفة الخامسة والعشرون: وهذه تخص النساء ومنهن بعض المنتسبات للعلم والدعوة وذلك بتساهلهن في الركوب مع السائق وحدها وهذه خلوة محرمة أو سفرها مسافة قصر بلا محرم أو التساهل في لباس الحشمة المغطى لسائر الجسد أمام الأجانب أو كونه شفافاً أو ضيقاً أو لباس شهرة أو مشابه للباس الرجال أو الكافرات.

توازي دعوة النفس إلي الله ودعوة الغير إلي الله

وختاماً أنبه إلى ملاحظة مهمة وهي أن ننتبه إلى خطر الشيطان ومداخله ونحن نطرح مثل هذه المخالفات كي لا يدخل علينا مدخلاً آخر فيزيد الطين بلة كما يقال. ذلك لأنه قد يجد بعضنا بعد طرح هذه الآفات أنه واقع في بعضها وهنا ينبغي أن لا ندع للشيطان فرصة ولا مدخلاً يحطم به نفوسنا محاولاً القضاء على ما فيها من خير بقوله لمن هذه حاله: أنت لست على مستوى الدعوة ولا على مستوى من يدعو بصدق إلى الله وأنت منافق وأنت وأنت فيزداد بذلك انحرافاً وبعداً عن الخير ويترك الدعوة وأهلها فالحذر الحذر من هذا المنزلق والمدخل الخطير. والمقصود من طرح هذا الموضوع هو تنبيه الغافل وتذكير الناسي إلى ضرورة محاسبة النفس وتفقد آفاتها وأن نتذكر أثر الخلل الداخلي في مصائبنا أفراد أو جماعات وتأخر نصر الله عنا لعلنا نقوم من عثرتنا ونصلح فساد قلوبنا وأحوالنا وبداية العلاج اكتشاف المرض والشعور بوجود خطره والسعي بعد ذلك للتخلص منه. وليس المقصود أن يترك الداعية دعوة الناس حتى تكمل نفسه لأن الكمال عزيز بل يسير في خطين متوازيين دعوة النفس إلى الله ودعوة الغير الى الله.

أسأل الله عز وجل أن يبصرنا بمواطن الضعف في نفوسنا وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا والحمد لله رب العالمين.

الهوامش:

  1. [رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب].
  2. [صحيح مسلم].
  3. [رواه مسلم].
  4. [رواه الترمذي، وصححه الألباني (سنن الترمذي؛ برقم: [1956] ].
  5. (رواه البخاري).

اقرأ أيضًا:

التعليقات غير متاحة