إن السلاح لدى الغزاويين، وخاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والفصائل الأخرى، يشكل عنصرًا محوريًا في قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ سنوات، يطرح الاحتلال ومجموعة من الأطراف الإقليمية والدولية مطلب نزع السلاح، كشرط أساسي لوقف العدوان وتحقيق “الأمن والاستقرار”.
وجوب إعداد القوة لمواجهة الأعداء
قال تعالى في سورة الأنفال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ، وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال:60]
في هذه الآية من سورة الأنفال، يأمر الله تعالى المسلمين بإعداد العدة لمواجهة أعدائهم بكل ما يقدرون عليه من عدد وعدة، ليدخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائهم المتربصين بهم، ويخيفوا آخرين لا تظهر لهم عداوتهم الآن، لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه. ويخبرهم سبحانه أن ما يبذلوا من مال وغيره في سبيل الله قليلا أو كثيرا، سيخلفه الله عليهم في الدنيا، ويدخر لهم ثوابه إلى يوم القيامة، ولا ينقصون من أجر ذلك شيئا.
قوانين النصر الربانيّة والمادية من خلال سورة الآنفال
نزلت سورة الأنفال عقب غزوة بدر، ومقصدها الرئيسي يتمحور حول قوانين النصر الربانيّة والمادية، وغزوة بدر كانت فاتحة الغزوات في تاريخ الإسلام المجيد، وبداية النصر لجند الرحمن، حتى سمّاها بعض الصحابة بسورة بدر، وسمّاها الله تعالى في القرآن الكريم بـالفرقان. لأنها تناولت أحداث هذه الموقعة بإسهاب، ورسمت الخطة التفصيلية للقتال، وبيّنت ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من البطولة والوقوف في وجه الباطل بكل جرأة وشجاعة وصمود. وقد كان عدد المسلمين وقتها: 313 مجاهدا، مقابل 1000 من المشركين، لكن المسلمين على قلة عددهم انتصروا بعون الله تعالى أولا، ونتيجة استعدادهم للحرب على المشركين رغم كثرتهم ثانيا، وكانت هذه الغزوة، أول المعارك بين الحق والباطل في التاريخ الإسلامي. وقد سبق في سور القرآن الطوال التي سبقت سورة الأنفال عرض المنهج، وكيف نثبت عليه لنكون من المنعم عليهم، وذلك بالتوحيد الخالص لله، وبالعدل وحسم المواقف، ثم جاءت سورة الأنفال ليبّين الله لنا من خلالها، أنه حتى ينتصر المنهج، يجب أن يكون له قوانين للنصر، فالنصر لا يأتي صدفة ولا فجأة، وإنما يحتاج إلى قوانين، فسورة الأنفال تتحدث عن قانوني النصر في غزوة بدر والتي يمكن أن تكون عامة لكل الغزوات والمعارك بين الحق والباطل في كل زمان ومكان ولا يستثنى من ذلك، الحرب القائمة اليوم، بين المسلمين في غزة من جهة، واليهود وأعوانهم من جهة أخرى، فالقوانين الربّانية تتجلى في كون: (النصر من عند الله)، والقوانين المادية تتجلى في وجوب: (الاستعداد للقتال بالعدة والتهيئة النفسية والعسكرية).
سورة الأنفال: توازن النصر بين التوكل على الله والإعداد المادي
وسورة الأنفال تنقسم إلى قسمين بارزين، كل منهما يتناول أحد هذه القوانين، فالسورة تحتوي على توازن بين القانونين المعنوي والمادي، الإلهي والبشري، فالنصر من عند الله، فبعد التوحيد الخالص لله في سورة الأنعام، وأن كل شيء لله تعالى، كان النصر من عند الله أمراً طبيعياً، ولكن لا بد من التخطيط والاستعداد، بمعنى نبذل كل الجهد ونتوكل على الله حتى ينصرنا، والله تعالى يريد أن يرسّخ في قلوب المسلمين قوانين النصر بعيداً عن الدنيا ورموزها، فسورة الأنفال تتحدث عن قوانين النصر، وأكثر ما يؤثر على قوانين النصر الدنيا، والأنفال هي من الدنيا، فكأن الأنفال هي التي تضيّع النصر، وفي سورة الأنفال تحذير للمسلمين من الفرقة من أجل الدنيا، وتوجيه لهم بالوحدة والأخوّة والتخطيط والرجوع إلى الله لتحقيق النصر.
القسم الأول: وما النصر إلا من عند الله، وتشمل الآيات في الربعين الأولين، وتذكير أن الله تعالى هو الذي نصرهم، فعلينا أن نثق بالله تعالى ونتوكل عليه لأنه صانع النصر. وكل هذه الآيات تدل على أن الله تعالى هو الذي صنع النصر في غزوة بدر.
القسم الثاني من السورة: ويشمل الربعين الأخيرين من السورة، ويتحدث في القوانين المادية للنصر. وأولها: أهمية التخطيط ، قال تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) [آية 60]، ومن هذه الأسباب الأساسية السلاح بكل أنواعه في حدود المستطاع، والأسباب المادية مهمة، ولا تقل أهمية عن المعنوية، حتى إن هزيمة الكفار تعود إلى الأسباب المادية، لأنهم لم يكونوا يفهمون الحرب جيداً ولم يعرفوا عدوهم.
تحذير الإسلام المسلمين من التفريط في أسلحتهم
لو رخص الإسلام للمسلمين في وضع سلاحهم، أو قبول المفاوضات التي تنادي بوضع السلاح، لرخصه على الأقل وقت الصلاة في ساحة الحرب، ورغم ذلك نهاهم عن وضعه، وحذرهم، فقال سبحانه في سورة النساء: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا) [النساء: 102].
المنهج الرباني في التربية: كيف حوّلت الصلاة إلى سلاح وجودي في معركة المسلمين؟
إن المتأمل في أسرار هذا القرآن; وفي أسرار المنهج الرباني للتربية، المتمثل فيه، يطلع على عجب من اللفتات النفسية، النافذة إلى أعماق الروح البشرية. ومنها هذه اللفتة في ساحة المعركة إلى الصلاة، إن السياق القرآني لا يجيء بهذا النص هنا لمجرد بيان الحكم “الفقهي” في صفة صلاة الخوف، ولكنه يحشد هذا النص في حملة التربية والتوجيه والتعليم والإعداد للصف المسلم وللجماعة المسلمة، وأول ما يلفت النظر هو الحرص على الصلاة في ساحة المعركة! ولكن هذا طبيعي بل بديهي في الاعتبار الإيماني. إن هذه الصلاة سلاح من أسلحة المعركة، بل إنها السلاح! فلا بد من تنظيم استخدام هذا السلاح، بما يتناسب مع طبيعة المعركة، وجو المعركة! ولقد كان أولئك الرجال – الذين تربوا بالقرآن وفق المنهج الرباني – يلقون عدوهم بهذا السلاح الذي يتفوقون فيه قبل أي سلاح.
سر القوة الخفية في معارك المسلمين
لقد كانوا متفوقين في إيمانهم بإله واحد يعرفونه حق المعرفة؛ ويشعرون أنه معهم في المعركة. متفوقين كذلك في إيمانهم بهدف يقاتلون من أجله؛ ويشعرون أنه أرفع الأهداف جميعا. متفوقين أيضا في تصورهم للكون والحياة ولغاية وجودهم الإنساني، تفوقهم في تنظيمهم الاجتماعي الناشئ من تفوق منهجهم الرباني.. وكانت الصلاة رمزا لهذا كله، وتذكيرا بهذا كله. ومن ثم كانت سلاحا في المعركة. بل كانت هي السلاح! والأمر الثاني الذي يلفت النظر في هذا النص القرآني، هو هذه التعبئة الروحية الكاملة تجاه العدو. وهذا الحذر الذي يوصى المؤمنون به تجاه عدوهم الذي يتربص بهم لحظة غفلة واحدة عن أسلحتهم وأمتعتهم، ليميل عليهم ميلة واحدة! ومع هذا التحذير والتخويف، التطمين والتثبيت؛ إذ يخبرهم أنهم إنما يواجهون قوما كتب الله عليهم الهوان: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا، فإذا كان الإسلام يحذر المجاهدين من الغفلة عن أسلحتهم وهم في الصلاة، فكيف يستساغ الاستجابة لمن ينادون بنزع السلاح للمقاومة الفلسطينية الغزاوية، سواء من قبل دول الاستكبار العالمي الظالم، أو من قبل حكام العرب الذين هم من بني جلدتنا والمتخاذلين، والغاشين لشعوبهم.
إن السلاح لدى الغزاويين، وخاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والفصائل الأخرى، يشكل عنصرًا محوريًا في قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ سنوات، يطرح الاحتلال ومجموعة من الأطراف الإقليمية والدولية مطلب نزع السلاح، كشرط أساسي لوقف العدوان وتحقيق “الأمن والاستقرار”. لكن هذا المطلب يحمل في طياته خطورة كبيرة على الغزاويين من نواحٍ متعددة سياسية، وأمنية، واجتماعية، وقانونية.
الأبعاد السياسية لخطورة نزع السلاح للمقاومة الغزاوية
يُعتبر سلاح المقاومة رمزًا ورافعة لمقاومة الاحتلال الصهيوني ورفضه، ونزع هذا السلاح، يعني عمليًا؛ تسليم الفلسطينيين تحت الاحتلال بدون القدرة على الدفاع عن حقوقهم أو حماية وجودهم، مما يترتب عليه انكسار سياسي، وفقدان الإرادة الوطنية. كما أن الاحتلال يسعى من خلال فرض هذا الشرط إلى محاكمة المدنيين الغزاويين باعتبارهم الحاضنة الشعبية للمقاومة، بهدف تفكيك القضية الفلسطينية وفرض الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية التاريخية بالكامل.
ويركز الاحتلال الصهيوني على سلاح المقاومة، ليس فقط لحجم السلاح، بل لقيمته الرمزية التي تعبر عن رفض الاحتلال، وأن نزع السلاح يمثل محاولة للاحتلال والهيمنة على مستقبل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
والرفض الفلسطيني الشعبي واسع ومستند إلى اقتناعه بأن التخلي عن المقاومة المسلحة يعني حرية مطلقة للاحتلال، وعودة إلى حالة الاستسلام والذل.
الأبعاد الأمنية والعسكرية لخطورة نزع السلاح للمقاومة الغزاوية
نزع سلاح المقاومة يفتح المجال للاحتلال لاختراق المدن والمخيمات الفلسطينية بسهولة، مما يؤدي إلى تصاعد عمليات القتل والاعتقال والتنكيل دون وجود رادع حقيقي يمنع أو يردع تلك العمليات.
وحركة حماس والفصائل، ترى أن سلاحها هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على القضية الفلسطينية، والدفاع عن المدنيين من العدوان المستمر.
أما من الناحية الإسرائيلية، فجعل نزع السلاح شرطًا أساسيًا لتحقيق “الأمن والاستقرار” يمثل تسلطًا من إسرائيل على القطاع، وإعادة فرض السيطرة على تحركات السكان، وفرض معايير أمنية تخدم مصالح الاحتلال.
البعد الاجتماعي والإنساني لخطورة نزع السلاح للمقاومة الغزاوية
غياب السلاح يعني تعرض السكان الفلسطينيين للقتل والتنكيل المستمر بدون قدرة على الرد أو الدفاع عن أنفسهم، وهذا يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة الغزّاويين.
ووضع سلاح المقاومة على طاولة النقاش، يُعتبر هزيمة نفسية، وتمزيقًا للوعي الوطني الفلسطيني، ويعني استسلامًا لقوى الاحتلال التي لم تتوقف عن ارتكاب المجازر.
كما أن سلاح المقاومة بمثابة “شرف” للمقاومين والأهالي، والتنازل عنه يُعتبر خيانة من هم على الأرض.
الأبعاد الشرعية والدينية لخطورة نزع السلاح للمقاومة الغزاوية
وفق هيئة علماء فلسطين، فإن امتلاك القوة، هو السبيل لمنع عدوان الكفار على بلاد المسلمين، وحماية الأرض والدماء والأعراض، مستندين إلى نصوص شرعية مثل قوله تعالى في سورة الأنفال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ، وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال آية:60]، والتي تحث على الإعداد للقوة، ونزع السلاح يعتبر خيانة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، لأن القوة والمنعة هي السبيل للحماية والدفاع المشروع عن النفس والأرض.
نتائج وتداعيات نزع السلاح المحتملة
1 – زيادة الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية على غزة، مع مضاعفة المخاطر الأمنية على السكان المدنيين.
2 – تفكيك المقاومة الفلسطينية مما يؤدي إلى توسع الاحتلال والتوسع الاستيطاني.
3 – تفاقم الأوضاع الإنسانية والاجتماعية، وزيادة الاضطرابات وعدم الاستقرار الداخلي.
4 – عزوف الفلسطينيين عن المشاركة السياسية أو النضال الوطني، مما يفتح الباب أمام التفكك الوطني.
نزع السلاح من الغزاويين يحمل خطورة بالغة تمتد من ناحيتي تفكيك المقاومة الفلسطينية كرافعة سياسية وأمنية إلى الأبعاد الإنسانية والشرعية التي ترفض التخلي عن حق الدفاع المشروع. هذا المطلب الإسرائيلي، رغم الضغوط والدعايات، يواجه رفضًا شعبيًا ورسميًا واسعًا لأنه يعني عمليًا الاستسلام الكامل للاحتلال، وحرمان الفلسطينيين من أدوات حماية وجودهم وحقوقهم.
كيف تؤثر تجارب نزع السلاح على الحركات المسلحة؟
تجارب نزع السلاح تؤثر بشكل عميق ومتعدد الأبعاد على الحركات المسلحة، ويمكن تلخيص التأثيرات الرئيسية فيما يلي:
1 – التأثير السياسي
أ – ضعف الموقف التفاوضي:
نزع السلاح يؤدي إلى فقدان الحركات المسلحة لورقة ضغط سياسية أساسية، مما يجعلها في موقف أضعف أمام الخصوم أو الاحتلال.
ب – تراجع الشرعية والوجود:
السلاح بالنسبة للحركات المقاومة ليس مجرد أداة قتالية، بل يعبر عن شرعيتها وتمثيلها لإرادة شعبها، وفقدانه يعني تصدع هذه الشرعية وانحسار الدعم الشعبي.
ج – استغلال القوة من جانب الخصم:
فقدان سلاح المقاومة يسمح للخصم بفرض شروطه السياسية وحتى تغيير خريطة السيطرة على الأرض.
2 – التأثير الأمني والعسكري
أ – انهيار القدرات القتالية:
بدون سلاح، تتعرض الحركات المسلحة لفقدان قدرتها على الدفاع أو الردع، ما يزيد من تفاقم حالات القمع والاحتلال.
ب – تفكيك البنية التنظيمية:
في كثير من الحالات، يرتبط نزع السلاح بحملة اعتقالات واستهداف لقيادات المقاومة وأجهزتها التنظيمية، مما يؤدي إلى تفكيك الحركة من الداخل.
ج – زيادة العنف ضد السكان:
بعد نزع السلاح، تقل قدرة المقاومة على حماية المدنيين، مما يفتح الباب أمام موجات من العنف والقتل بلا رادع.
3 – التأثير الاجتماعي والإنساني
أ – تفكك الروابط المجتمعية:
المقاومة المسلحة غالبًا ما تكون جزءًا من النسيج الاجتماعي والسياسي للمجتمع؛ ونزع السلاح يقطع هذه الروابط ويؤدي إلى حالة من الإحباط واليأس بين السكان.
ب – تفاقم الأزمة الإنسانية:
ضعف المقاومة يؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية للسكان، حيث تزداد فرص القصف والتدمير والاعتقالات.
4 – التأثير النفسي والمعنوي
أ – هزيمة معنوية:
يشعر مقاتلو المقاومة وداعموها بهزيمة معنوية كبيرة على المستوى الفردي والجماعي، مما يضعف روح الصمود والتحدي.
ب – ضعف الثقة:
يؤدي نزع السلاح إلى فقدان الثقة في الأجندات السياسية والضمانات الدولية، ويزيد من المشاعر السلبية تجاه الحكومات المعنية.
من خلال تجارب نزع السلاح لتجمعات الحركات المسلحة، تظهر أن هذه الخطوة تُضعف من قدرتها على المقاومة والدفاع، وتؤدي إلى تراجع تأثيرها السياسي والاجتماعي، كما تفتح المجال لزيادة القمع والاحتلال، مما يفاقم الأزمات الإنسانية والنفسية للسكان. لذلك، تعتبر غالبية حركات المقاومة نزع السلاح تهديدًا وجوديًا يحاولون مواجهته بالحفاظ على قوتهم المسلحة كضمانة لبقائهم ومقاومتهم. هذه التأثيرات مجتمعة تؤكد ضرورة النظر إلى السلاح في حركات المقاومة كعنصر مركزي لاستمرار الكفاح المشروع ضد الاحتلال والظلم.
تجارب نزع السلاح في حركات مقاومة
تجارب نزع السلاح من حركات المقاومة عبر التاريخ، توضح بشكل واضح خطورة هذه الخطوة، والعقوبات التي تترتب عليها على الصعد السياسية، والعسكرية، والاجتماعية:
أمثلة وتجارب تاريخية
1 – تجربة فلسطينيي بيروت عام 1982:
حيث خرج مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بعد اتفاق نزع السلاح، لكنها سرعان ما تحولت إلى مجازر بحق المدنيين في مخيمي صبرا وشاتيلا، وهو نموذج مأساوي يوضح كيف لم يؤدِ نزع السلاح إلى الأمان، بل فتح الباب لمجازر واسعة.
2 – تجربة طالبان:
طالبان رفضت نزع سلاحها رغم الضغوط الدولية، مما أجبر الولايات المتحدة لاحقًا على التفاوض معها، وهذا يؤكد أن السلاح هو الضامن الوحيد للكرامة والسيادة.
3 – تجربة أوكرانيا:
تخلي أوكرانيا عن سلاحها النووي بناءً على ضمانات دولية، قاد إلى ضعف موقفها أمام العدوان الروسي الحالي، وهي تجربة تحذر من تضاؤل قوة المقاومة المسلحة.
4 – تجارب أخرى في مناطق مثل البوسنة، مدغشقر، واللاتينية:
حيث أدى نزع السلاح من حركات المقاومة، إلى معاقبة هذه الحركات سياسياً واجتماعياً وأمنياً، وتحولها إلى ضحايا للأنظمة أو الاحتلال، مع تفاقم النزاعات بدلاً من حلها.
النتائج والدروس المستفادة من هذه الأمثلة والتجارب التاريخية
1 – نزع السلاح من حركات المقاومة غالبًا ما يُعتبر بداية لنهاية المقاومة المسلحة، ويدفع لتفكيك البنية التنظيمية للمقاومة.
2 – يُستخدم نزع السلاح لتقويض قدرة المقاومة على الدفاع، مما يفتح المجال أمام احتلال أو تجاوز إرادة الشعوب المقاومة.
3 – غالبًا ما يترافق نزع السلاح مع عمليات اعتقال قيادات المقاومة، تفكيك هياكلها، وزيادة الاستيطان أو الهيمنة على الأراضي.
4 – في أكثر حالات نزع السلاح، تم ربط ذلك بمجازر وعقوبات جماعية للفئات السكانية التي كانت الحاضنة للمقاومة.
5 – المقاومة المسلحة تُعتبر عنصرًا أساسيًا في سيادة وكرامة الشعوب تحت الاحتلال أو الهيمنة، والضغط لنزع السلاح؛ يمثل سياسة تستهدف إبادة الإرادة المقاومة.
التجارب التاريخية تؤكد أن نزع السلاح من حركات المقاومة لا يؤدي إلى السلام أو الأمان، بل غالبًا ما يمهد لمرحلة جديدة من القمع والمجازر والاضطرابات. السلاح في حركات المقاومة هو ضمانة للبقاء والكرامة، والتخلي عنه يشكل تهديدًا وجوديًا لتلك الحركات وشعوبها، لذلك، يتجنب القادة والمقاتلون في حركات المقاومة قبول نزع السلاح، ويعتبرونه “فخًا” يُراد به إضعافهم وتمكين الاحتلال أو الأنظمة المناوئة من فرض السيطرة. وتجارب نزع السلاح من حركات المقاومة عبر التاريخ توضح بشكل واضح خطورة هذه الخطوة، والعقوبات التي تترتب عليها على الصعد السياسية، العسكرية، والاجتماعية.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات…
المصدر
موقع منار الإسلام، الشيخ بن سالم باهشام، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
اقرأ أيضا
سَلامٌ بلا خُيولٍ ، أيُّ ذُلِّ؟!
لماذا لا تقبل المقاومة بإلقاء السلاح؟..
بعض آثار تسليم المقاومة لسلاحها
قراءة بشأن بيان نيويورك لإقامة “دولة فلسطينية منزوعة السلاح”

