قد بين الله عز وجل في كتابه الكريم ميزانه في العزة والذلة أوضح بیان؛ وذلك في تسفيهه لموازين المنافقين الجاهلية في العزة والذلة، ومن ذلك: قوله عز وجل: (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8].

وقوله تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) [النساء: 138 – 140].

الدين مبدأ الاعتزاز الوحيد ومنطلقُه

يقول سید قطب – رحمه الله تعالى – عند هذه الآية: (والله – جل جلاله – يسأل في استنكار: لم يتخذون الكافرين أولياء وهم يزعمون الإيمان؟ لم يضعون أنفسهم هذا الموضع، ويتخذون لأنفسهم هذا الموقف؟ أهم يطلبون العزة والقوة عند الكافرين؟ لقد استأثر الله بالعزة؛ فلا يجدها إلا من يتولاه، ويطلبها عنده، ويرتكز إلى حماه.

وهكذا تكشف اللمسة الأولى عن طبيعة المنافقين، وصفتهم الأولى ؛ وهي ولاية الكافرين دون المؤمنين، كما تكشف عن سوء تصورهم لحقيقة القوى، وعن تجرد الكافرين من العزة والقوة التي يطلبها عندهم أولئك المنافقون. وتقرر أن العزة لله وحده ؛ فهي تطلب عنده، وإلا فلا عزة ولا قوة عند الآخرين!

ألا إنه لسند واحد للنفس البشرية تجد عنده العزة، فإن ارتكنت إليه استعلت على من دونه. وألا إنها لعبودية واحدة ترفع النفس البشرية وتحررها … العبودية لله. فإن لا تطمئن إليها النفس استعبدت لقيم شتى، وأشخاص شتى، واعتبارات شتى، ومخاوف شتى، ولم يعصمها شيء من العبودية لكل أحد، ولكل شيء، ولكل اعتبار.

وإنه إما عبودية لله كلها استعلاء وعزة وانطلاق، وإما عبودية لعباد الله كلها استخذاء وذلة وأغلال. ولمن شاء أن يختار.

وما يستعز المؤمن بغير الله وهو مؤمن، وما يطلب العزة والنصرة والقوة عند أعداء الله وهو يؤمن بالله ، وما أحوج ناسا ممن يدعون الإسلام، ويتسمون بأسماء المسلمين، وهم يستعينون بأعدى أعداء الله في الأرض، أن يتدبروا هذا القرآن .. إن كانت بهم رغبة في أن يكونوا مسلمين .. وإلا فإن الله غني عن العالمين!

حرمة الاعتزاز والفخر بالآباء

ومما يلحق بطلب العزة عند الكفار وولايتهم من دون المؤمنين: الاعتزاز بالآباء والأجداد الذين ماتوا على الكفر، واعتبار أن بينهم وبين الجيل المسلم نسبا وقرابة! كما يعتز ناس بالفراعنة، والأشوريين، والفينيقيين ، والبابليين، وعرب الجاهلية اعتزازا جاهليا، وحمية جاهلية.

روى الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أبو بكر بن عباس ، عن حميد الكندي، عن عبادة بن نسي، عن أبي ريحانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من انتسب إلى تسعة آباء كفار ، يريد بهم عزا وفخرا، فهو عاشرهم في النار)1(1) أحمد (1658) وإسناده ضعيف (17212)، الموسوعة الحديثية، مجموعة من المحققين ..

ذلك أن آصرة التجمع في الإسلام هي العقيدة، وأن الأمة في الإسلام هي المؤمنون بالله منذ فجر التاريخ، في كل أرض، وفي كل جيل، وليست الأمة مجموعة الأجيال من القدم، ولا المتجمعين في حيز من الأرض في جيل من الأجيال)2(2) في ظلال القرآن 2/780 ..

الاعتزاز بالجاه والمنصب والسلطان

ويقول شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى -: «فإن الله جعل العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه ؛ قال تعالى: (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8]، وقال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139].

ولهذا كان في كلام الشيوخ: الناس يطلبون العز من أبواب الملوك ولا يجدونه إلا في طاعة الله . وكان الحسن البصري يقول: «وإن هملجت بهم البراذين وطقطقت بهم البغال فإن ذل المعصية في رقابهم، يأبى الله إلا أن يذل من عصاه».

ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، ومن عصاه ففيه قسط من فعل من عاداه بمعاصيه. وفي دعاء القنوت: «إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت»3(3) أحمد (1625)، وأبوا داود (12140)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (429).)4(4) مجموع الفتاوی 21/258..

مصدر العزة والغلبة والنصر

ويتحدث ابن القيم – رحمه الله تعالى – عن مصدر العزة والغلبة والنصر فيقول: «والله سبحانه إنما ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه القائمين بدينه علما وعملا، لم يضمن نصر الباطل، ولو اعتقد صاحبه أنه محق، وكذلك العز والعلو إنما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو علم وعمل وحال؛ قال تعالى: (وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]  فللعبد من العلو بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8] فله من العزة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظ من العلو والعزة، ففي مقابلة ما فاته من حقائق الإيمان، علما وعملا، ظاهرا وباطنا»5(5) إغاثة اللهفان 2/181..

أسباب المذلة وفقد العزة والكرامة

ثم يحذر من أسباب المذلة وفقد العزة والكرامة . وذلك بميزان الشرع – فيقول عن آثار المعاصي والذنوب: «ومنها: أن المعصية تورث الذل ولا بد؛ فإن العز كل العز في طاعة الله تعالی؛ قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [فاطر: 10] أي: فليطلبها بطاعة الله ، فإنه لن يجدها إلا في طاعة الله»6(6) الجواب الكافي ص 85 ..

وقال أيضا: «ومن عقوباتها : أنها تصغر النفس وتقمعها، وتدسيها، وتحقرها، حتى تكون أصغر شيء وأحقره، كما أن الطاعة تنميها وتزکیها وتكبرها، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) [الشمس: 9-10]، والمعنى: قد أفلح من كبرها وأعلاها بطاعة الله وأظهرها ، وقد خسر من أخفاها وحقرها وصغرها بمعصية الله».

وأصل التدسية: الإخفاء. ومنه قوله تعالى: (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ) [النحل: 59]، فالعاصي يدس نفسه في المعصية، ويخفي مكانها، يتواری من الخلق من سوء ما يأتي به، وقد انقمع عند نفسه، وانقمع عند الله، وانقمع عند الخلق، فالطاعة والبر تكبر النفس وتعزها وتعليها، حتى تصير أشرف شيء وأكبره، وأزكاه وأعلاه، ومع ذلك فهي أذل شيء وأحقره وأصغره لله تعالی. وبهذا الذل حصل لها هذا العز والشرف والنمو؛ فما أصغر النفوس مثل معصية الله، وما كبرها وشرفها ورفعها مثل طاعة الله»7(7) الجواب الكافي ص 110 ..

وعن طارق بن شهاب قال: «لما قدم عمر رضي الله عنه الشام، عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره، ونزع خفيه، فأمسكهما، وخاض الماء، ومعه بعيره . فقال : أبو عبيدة : لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض. فصك في صدره، وقال: أوه ؛ لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة ؛ إنكم كنتم أذل الناس، فأعزكم الله برسوله، فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله»8(8) حلية الأولياء 1/47 ..

وعن داود الطائي قال: «ما أخرج الله عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه بلا مال، وأعلاه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس»9(9) المصدر السابق 7/356 ..

الميزان الذي نوقع به العزة والذلة

والكلام عن ميزان العزة والذلة في الإسلام يقودنا إلى معرفة الميزان الذي نوقع به العزة والذلة؛ وذلك في قوله تعالى عن صفات أوليائه المؤمنين أنهم: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) [المائدة: 54] واليوم نری اختلالا في تطبيق هذه الآية عند بعض المسلمين؛ حيث نرى العزة والغلظة على المؤمنين عند أدنى خطء أو زلة، في الوقت الذي ترتفع فيه دعوات إلى التسامح مع الكافر قد تصل إلى التذلل له. وهذا خلل في ميزان العزة والذلة ؛ يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – عند هذه الآية: «لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة «على» تضمينا لمعاني هذه الأفعال؛ فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل، وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول، فالمؤمن ذلول كما في الحديث: «المؤمن کالجمل الذلول، والمنافق والفاسق ذليل»10(10) حلية الأولياء 7/356 ..

وأربعة يعشقهم الذل أشد العشق: الكذاب، والنمام، والبخيل، والجبار.

وقوله تعالى: (أعزة على الكافرين) هو من عزة القوة والمنعة والغلبة. قال عطاء : (للمؤمنين كالوالد لولده، وعلى الكافرين كالسبع على فريسته) .

كما قال في الآية الأخرى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: 29]: وهذا عكس حال من قيل فيهم: کبرا علينا وجبنا عن عدوكم لبئست الخلتان: الكبر والجبن11(11) مدارج السالكين 2/327 ..

أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين

ويقول الشيخ سفر الحوالي – فرج الله عنه -: «هاتان الصفتان لا بد أن تكونا مقترنتين، ولذلك كان أكبر خطأ يخطئ فيه كثير من الناس أنهم يغلظون على المؤمنين، ومن أغلظ على المؤمنين فإنه يؤدي به الأمر إلى أن يتساهل مع الكافرين، وهذا أمر يجده كل إنسان من نفسه ؛ فالله  جعل في نفس الإنسان هذان العاملان:

أحدهما: الحب؛ ومقتضاه: اللين، والرأفة، والرحمة، والذلة .

والآخر: البغض ؛ ومقتضاه: العنف، والقسوة، والشدة، والمقاتلة … إلخ.

فلو أن الإنسان أخطأ في أحدهما، فإنه يخطئ في الآخر لا محالة ، فنجد بعض من يلين القول مع الكفار يغلظ على المسلم، فإذا تعامل مع الكفار، ووادهم، وأحبهم، وخالطهم بحيث إذا جاء إنسان وتكلم في الكفار، وحذر منهم، وبين أنهم أعداء الله ، أغلظ وأنكر عليه. وكذلك لو أنه أغلظ على إخوانه المؤمنين وكان شديدا عليهم، فإن هذا قسط من عداوته للكافرين صرفه وحوله إلى إخوانه المؤمنين.

فنجد من شغله الله بالطعن والعيب والعداوة للمؤمنين لا يجد وقتا، ولا تجده يفرغ للطعن والحرب والعداوة لأعداء الله الكافرين، ولذلك يجب على المؤمن أن يحفظ هذا الميزان الدقيق، وأن يجعل نفسه كما أمر الله تعالی. فقوله تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [المائدة: 54] يجب أن تأخذ هذه الكلمة بكل ما تحمله من معنى، وليس في ذلك غضاضة؛ فإن ذل المسلم لأخيه المسلم عز له  عند الله ، وهذا يورثه الدرجة العليا، وهي: أن يكون ممن يصطفيهم الله ، فأنت لا تنظر إلى أن أخاك المسلم أخطأ عليك، أو أخطأ في اجتهاد ترى أنه خالفك فيه، بل انظر إليه: هل هو ممن يحب الله ورسوله فتجتمعان في محبة الله أم لا؟)12(12) عن موقع الشيخ سفر الحوالي ..

حقيقة العزة والنصر على الأعداء

والعزة تصاحب المؤمن ولو كان محنة وابتلاء وقهر من الأعداء؛ لأنه هو الأعلى، ولأن النصر والاستعلاء على الحقيقة هو الاستعلاء بالإيمان، والانتصار على حب الدنيا وإيثارها على الأخرة، والانتصار على الحقيقة هو الانتصار على حب الحياة والثبات على العقيدة ولو مات في سبيلها، وظهر للناس أنه قتل أو هزم.

وفي ذلك يقول سيد قطب – رحمه الله تعالى – عن الانتصار العظيم والعزة السامقة التي ظهرت على أصحاب الأخدود وهم يحرقون ولا يتزعزعون عن عقيدتهم: «وتنتهي رواية الحادث في هذه الآيات القصار، التي تملأ القلب بشحنة من الكراهية لبشاعة الفعلة وفاعليها، كما تستجيش فيه التأمل فيما وراء الحادث ووزنه عند الله، وما استحقه من نقمته وغضبه ؛ فهو أمر لم ينته بعد عند هذا الحد، ووراءه في حساب الله ما وراءه .

كذلك تنتهي رواية الحادث وقد ملأت القلب بالروعة روعة الإيمان المستعلي على الفتنة، والعقيدة المنتصرة على الحياة، والانطلاق المتجرد من أوهاق الجسم وجاذبية الأرض؛ فقد كان في مكنة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم، ولكن كم كانوا يخسرون هم أنفسهم في الدنيا قبل الآخرة؟ وكم كانت البشرية كلها تخسر؟ كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير : معنى زهادة الدنيا بلا عقيدة وبشاعتها بلا حرية، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح بعد سيطرتهم على الأجساد؟! إنه معنی کریم جدا ومعنى كبير جدا هذا الذي ربحوه وهم بعد في الأرض. ربحوه وهم يجدون مس النار فتحترق أجسادهم، وينتصر هذا المعنى الكبير الذي تزکیه النار. وبعد ذلك لهم عند ربهم حساب، ولأعدائهم الطاغين حساب .. يعقب به السياق»13(13) في ظلال القرآن 6/3874 ..

الهوامش

(1) أحمد (1658) وإسناده ضعيف (17212)، الموسوعة الحديثية، مجموعة من المحققين .

(2) في ظلال القرآن 2/780 .

(3) أحمد (1625)، وأبوا داود (12140)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (429).

(4) مجموع الفتاوی 21/258.

(5) إغاثة اللهفان 2/181.

(6) الجواب الكافي ص 85 .

(7) الجواب الكافي ص 110 .

(8) حلية الأولياء 1/47 .

(9) المصدر السابق 7/356 .

(10) حلية الأولياء 7/356 .

(11) مدارج السالكين 2/327 .

(12) عن موقع الشيخ سفر الحوالي .

(13) في ظلال القرآن 6/3874 .

اقرأ أيضا

الميزان الحق في الأقوال والأعمال والأخلاق

خصائص الميزان الإلهي

ميزان الفتنة

 

التعليقات غير متاحة