قصَف الحوثيون المساجد في المعسكرات، كما وجّهوا من قبل صواريخهم نحو مكة المكرمة، لا حرمةً للدين، ولا للبلاد؛ إنما مصالح نزقة وشهوات مسعورة.

الخبر

“قالت مصادر عسكرية لوكالة رويترز للأنباء إن الهجوم الصاروخي استهدف مسجدا داخل المعسكر بينما كان الناس يتجمعون لأداء الصلاة، وقد قُتل فيه (79) جنديا يمنيا ـ ارتفع الى (110) يوم الإثنين (20/1/2020) ـ وأصيب (130) آخرون في هجوم شنه الحوثيون المدعومون من إيران بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة على محافظة مأرب السبت، وفقا لما ذكرته قناة الإخبارية الرسمية السعودية، الأحد (19/1/2020).

وقالت الدفاع اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بإجرامهم: إن الهجوم الإيراني جاء ردا على مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني في العراق مطلع الشهر الجاري، وأشارت إلى أنها ورئاسة هيئة الأركان أمرت قادة القوات والضباط في مواقع عسكرية مختلفة لرفع الجاهزية ومستوى الحذر والإجراءات الأمنية”. (1موقع (BBC عربي)، 19/1/2020، على الرابط:
الحرب في اليمن: ارتفاع عدد قتلى القوات الحكومية إلى 79 جندياً
وموقع (CNN بالعربية)، 19/1/2020، على الرابط:
وزارة الدفاع اليمنية عن مقتل 79 جنديا بهجوم صاروخي: الحوثيون ينتقمون لقاسم سليماني
)

التعليق

من دلالات الخبر:

1) ليس عند الحوثيين حرمة ولا قداسة لمسجد ولا دين. إنما الحرمة عندهم في شعاراتهم المستوردة من فرس إيران المتلاعبة بالهتافات.

2) لم يزعجهم القتلى بالمساجد، ولا يكترثون بهم.

3) يبدو الحوثيون وكأنهم يستوردون مع السلاح عداءَ المسلمين أهلِ السنة، مع التشبع بروح العداء الصفوي. قد لا يدركون من أين دبت اليهم بعد تعايشهم مع أهل السنة قرونا؛ ولكنه المطلوب الآن؛ فيقاتلون المسلمين حتى يأتيهم إشعار آخر.

4) أمام الحوثيين حكومة يغلب عليها شيوعيون من جانب، وانفصاليون بالجنوب من جانب آخر. فمَن يقف أمامهم لا يحرصون على اليمن كدولة واحدة بل طامعون في شَرذمة جديدة وفي اقتطاع جزء من الجسد اليمني الجريح.

5) تقف أمامهم السعودية والإمارات بأطماعهما الخاصة. والحقيقة البارزة والمؤلمة والتي لا يقولها أحد أنهم غير متوافقين مع أهل اليمن الكرام من المسلمين؛ بل هم أقرب الى التوافق مع الحوثيين؛ حيث يريد كل منهم جزءا من الكعكة فقد يتقاسمونها بسهولة، ولهذا يجري بينهم لقاءات ومفاوضات كل حين. وإنما الخلاف الجذري واختلاف التضاد الحقيقي هو مع أهل اليمن الذين يقفون أمام رافضة الحوثي وشيوعيي الجنوب وأهواء شياطين العرب في الإمارات والسعودية. ويريدون يَمَنا مسلما واحدا.

6) مع كثرة الأهواء يبقى أهل اليمن بين تيارات ممزقة للبلاد ولجسد جزء من دار الإسلام؛ فهذا يمرر مخطط الفرس الإيرانيين، وذاك يمرر مخططات وحقد الشيوعيين وفسادهم وتمزيقهم لبلاد المسلمين، والثالث يمرر أهواء شياطين العرب من الأمراء المفسدين المناصرين للمشروع الصهيو أمريكي.

هذا حال اليمن؛ فهل يطمع عاقل فيها أن يكون ثمة خير يمكن أن تفرزه هذه الأحوال..؟ وهل يطمع  أيٌ من مجرمي هذه التيارات أن يكون هناك يمن رشيد سعيد..؟ أم أن الذي سينعم إنما يكون بنهشة من جسد اليمن ومع تقرير تبعيته لمعسكر خارجي بين شركاء متشاكسين، ومن ثم يبقون متشاكسين تبعا لساداتهم الإقليميين والدوليين..؟

7) يبقى الحل الوحيد باقيا في “الإسلام” وطرحه الرباني؛ بسماته المتفردة:

  • تقرير الولاء لله وحده، وأن “الوطن” والقبيلة إنما هي للتعريف، ويجب أن تكون أحد خنادق العمل للإسلام، مع تحريم الفخر بالقبيلة أو التعصب لها أو اتّباع الراية العمية أو الدعوة اليها أو القتال تحتها.
  • وتحريم ولاء الكافرين والتآمر معهم، وتحريم اتباع الأهواء، وتحريم التفريط في حقوق المسلمين وأموالهم وثرواتهم.
  • والأمر بوحدة الكلمة وتآلف القلوب وتأخير الأهواء وتقديم المصلحة العامة للمسلمين.
  • وأن النظام السياسي في الإسلام يقوم على شروط قاعدتها تحكيم دين الله وشريعته وحدها.
    وقاعدة الشورى بين المسلمين؛ وهي شورى ملزمة تمثل الأمة في السلطة، وتمثل مصالح المسلمين بفئاتهم وقبائلهم، وتقوم برقابة الحكام وتمنع الفساد وجودا واستمرارا وتمنع الفساد من منبعه، وتمنع من الوقوع في التبعية، وتطرح آمال الأمة في التقدم والقوة وامتلاك العلوم الحديثة وإنشاء المجتمع المسلم المستقر والمتقدم والقوي.
    ويحقق تحريم المال العام والإفساد العام.
    وإنشاء التعليم والإعلام الذي يربي أمة مسلمة ونشئا مسلما ويخْرج خير أمة للناس.
  • وتحقق التآلف مع بقية المسلمين في بلادهم لا التناحر ولا التآمر.

وغير ذلك من سمات النظام السياسي الإسلامي، وليس هذا محل التفصيل؛ بل عرضنا فقط نبذة تلامس الأحوال القائمة اليوم..

خاتمة

يبدو للناظر المتابع أن اليمن ينهدم كل يوم ويخرب يوما بعد يوم، وكذلك بلاد الحرمين تخرب في الأخلاق والعقائد ونفاد الثروات، وكذلك الخليج بوقوعه في المخطط الغربي وقيام بعضه بدور الجندي المخلص والوكيل المنفذ لمخططات الصهاينة الصليبيين يحيث يقدّمون أنفسهم على أنهم استوعبوا المراد الغربي في المرحلة والمطلوب الآن من الوكالة السياسية؛ فتقدمَ حكام الإمارات لهذا متعرّين من كل دين وخُلق ومصلحة عامة للمسلمين ليقوموا بأسوأ وكالة سياسية وأخلاقية وعقدية يمكن أن يقوم بها امرؤ نحو قومه وأمته. ويقينا أن هذا باب مُدلجٍ لخرابهم أنفسهم بعدما يخْربون بأيديهم ما قدّر الله.

كما  أن الحطام يلوح في سوريا والشام وفلسطين والقدس، ويسمع صوت الأنين من سجون مصر وصحراء ليبيا، ومن سيطرة اليسار الشيوعي في السودان على أخلاق الأمة وثرواتها.

الإسلام هو المخرج الوحيد بعقيدته وأطروحاته وربّانيته وقيمه ومبادئه، لو كانوا يعقلون.

إننا نوقن أن ما بعد هذه الفوْرة للباطل إلا خمود ناره ومعرفة الناس بشره وآلامه وفساده، وركْلهم له بنعالهم وعدم التأسف على أيامه؛ فاللهم أنج عبادك وأدركهم برحمتك ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ (النمل: 62)

……………………………

هوامش:

  1. موقع (BBC عربي)، 19/1/2020، على الرابط:
    الحرب في اليمن: ارتفاع عدد قتلى القوات الحكومية إلى 79 جندياً
    وموقع (CNN بالعربية، 19/1/2020، على الرابط:
    وزارة الدفاع اليمنية عن مقتل 79 جنديا بهجوم صاروخي: الحوثيون ينتقمون لقاسم سليماني

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة