كلماتٌ تكشف الداخل المضطرب، ومخاوف تتجاوز الميدان العسكري.
فماذا يقول أبرز محللي العدو عن “عربات جدعون”؟
مع كل عملية عسكرية كبرى، تتكشّف الكثير من الأزمات البنيوية في كيان العدو، غير أن ما رافق “عربات جدعون” كان مختلفًا.
فماذا كُتب في الصحف العبرية عن الحرب، والقيادة، والمصير الغامض؟
تعليقات لافتة لأهم محلّلي الصهاينة على “عربات جدعون”
-
كتب حاييم مسغاف في (معاريف)
“الحرب الأهلية موجودة بالفعل. لا توجد طلقات نارية بعد، لكن من يدعو أولئك الذين تلقّوا أوامر تعبئة (أوامر 8) إلى رفض الانخراط (يقصد الحريديم)، فهو، في نظري، مستعدٌ بالتأكيد للسير في هذا الطريق حتى نهايته. إيهود باراك يدعو إلى “عصيان مدني”، وأخمّن أن هناك عددًا غير قليل من الأشخاص الذين سيكونون مستعدين أيضًا لاستخدام السلاح. لا أعرف كيف سيحدث ذلك بالضبط، لكن القابلية موجودة”.
-
المحلل العسكري في القناة 13 (ألون بن دافيد)، كتب في “معاريف”
“دون أي شعور بالاحتفالية ومع القليل جدا من الأمل، بدأنا عام استقلالنا الـ78. صحيح أننا نجحنا بالفعل في الاستمرار لوقت أطول من المملكة الحشمونية (في كتب التاريخ أنها سقطت في عامها الثمانين)، آخر سيادة يهودية سبقتنا في أرض إسرائيل، لكن الشعور هو أننا دخلنا في أيام الشفق (الغروب)”.
-
كتب موشيه كلوغهافت في (إسرائيل اليوم)
“الوضع خانق: من 7 أكتوبر حتى يوم الذكرى، قُتل 1886 إسرائيليا من مئات المجتمعات ومن جميع الأعمار (..) لذكراهم ومن أجلهم فلنقرّر أن أي شخص يحاول جرّنا إلى حرب أهلية يجب أن يتم إقصاؤه من خلال صناديق الاقتراع. سيحمل العار بنفسه إلى نهاية أيامه”.
-
كتب ناحوم برنياع في (يديعوت)
“أنا حذر من المخاطرة بالنبوءات، ولكن فرصة أن تتحقق هذه الخطة (عربات جدعون) كما هي ضئيلة للغاية. “لا يبدأ أي رجل عاقل حربا قبل أن يوضّح لنفسه أولا ما ينوي تحقيقه من خلالها”، هذا ما كتبه كارل فون كلاوزفيتز، أحد أعظم مفكري الحرب. جيش الدفاع الإسرائيلي يهيئ في غزة الأرضية لواقع يعارضه”.
-
كتب رون بن يشاي في (يديعوت)
“يوجد في إسرائيل كثيرون، أنا منهم، يتوقون منذ الآن للرئيس بايدن وإدارته. صحيح أنه قيّد أيدي إسرائيل في بداية الحرب وأخّر إرساليات الذخائر، لكن معه كنت تعرف بالضبط أين تقف، ماذا يمكنك وماذا لا يمكنك عمله. أما مع ترامب، فكل الخيارات مفتوحة، بما فيها الأسوأ”.
-
كتب آفي يسسخروف مقاله في “يديعوت”
“عملية عسكرية واسعة النطاق الآن قد تخدم نتنياهو سياسيا على المدى القصير، على صعيد البقاء، لكنها بالتأكيد لن تساعد دولة إسرائيل أو “بيبي” في انتخابات أكتوبر 2026. المزيد من الجنود والمخطوفين القتلى، انتقادات دولية شديدة، مقتل آلاف الفلسطينيين، بعضهم أبرياء، وفي نهاية المطاف عودة إلى نقطة البداية: الجيش الإسرائيلي، بسبب اعتبارات تتعلق بالموارد البشرية والتآكل، سينسحب من مناطق في القطاع، وستعود حماس إليها. رئيس الأركان والجيش الإسرائيلي يفهمون ذلك، وربما نتنياهو يفهم ذلك أيضا”.
8 كوارث بانتظارهم من “عربات جدعون”، برأي من يُسمّونه “نبي الغضب”!
هذه هي أدناه بالنصّ، كما في مقال اللواء (احتياط) إسحق بريك في “هآرتس” أمس:
1- قد يموت أسرانا الأحياء داخل الأنفاق.
2- سيُقتل العديد من المقاتلين، وسيتعرض آخرون لإصابات بالغة.
3- لن نهزم حماس، لأن الجيش حاليا غير قادر على ذلك. سنفقد دعم أولئك الذين في العالم ما زالوا يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي قوي. سنخرج من الحرب بشعور الإذلال والهزيمة، “كالكلب الذي يضع ذيْله بين رجليه”، وكما خرج جيش الولايات المتحدة من فيتنام وأفغانستان. سنفقد ما تبقى من قوّة الردع.
4- أمام فشلنا، سيرفع الحوثيون، الإيرانيون، الأتراك، السوريون، حزب الله، وحماس رؤوسهم بقوّة متزايدة، وسنجد أنفسنا في حرب استنزاف مدمّرة للدولة.
5- سنفقد علاقاتنا مع معظم دول العالم، والتي ستواصل اتهامنا بارتكاب جرائم حرب.
6- سنفقد قدراتنا الاقتصادية، ولن يتوفر المال لإعادة بناء الجيش وتطويره في ظل التهديدات المتزايدة من كل الجهات. كما لن يتوفر المال لإعادة إعمار بلدات الشمال والجنوب، حيث لم يعد معظم سكانها إلى منازلهم بعد. كذلك، ستستمر أنظمة التعليم والصحة في الانهيار، وسيفرّ أفضل المواطنين من البلاد.
7- في ظل ضعفنا، سيفقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اهتمامه بنا، كما يحدث بالفعل، والأسوأ من ذلك: قد يخلفه رئيس ديمقراطي سيتنكّر لإسرائيل وقد يوقف المساعدات المقدمة لها.
8- الانفجار الاجتماعي في إسرائيل سيتصاعد، وستتحطّم الروح الوطنية، ولن يكون هناك سوى خطوة واحدة بين الوضع الاجتماعي السيئ الحالي وبين حرب أهلية.(انتهى).
قد ينطوي على كلام هذا على بعض المبالغة، برأي البعض، لكن من يعرف شؤون السياسة والتاريخ، سيُدرك أنه لم يبتعد كثيرا عن الحقيقة، لا سيما إذا تمّ تقدير الأمر بروحية صراع تاريخي، وليس تقييما لمعركة سريعة آنية وحسب، أو ضمن نظرية “إحصاء الجثث” التي تصلح في حروب الثأر، وليس في الصراعات التاريخية الكبرى.
“الكيان” في مأزقه الكبير..
المعالم كثيرة وواضحة.. مأزق غزة ما زال قائما، و”عربات جدعون” لن تغيّر الكثير، باعتراف أركان كبار في “الكيان”، ممن يذكّرون بقصة فيتنام، وأضف العجز عن الوصول للأسرى الذين يبكيهم المجتمع يوميا، وإلى جانب ذلك استمرار ضربات اليمن والعجز عن وقفها.
انفراجة سوريا تضرب مشروع التقسيم، وإن لم تُسفر عن انسحاب سريع من المناطق التي تم احتلالها بعد سقوط النظام، وحضور تركيا في سوريا مأزق آخر.
فتح باب النووي السعودي، وربما سواه تاليا، يمثّل مأزقا آخر يتمثّل في ضرب المعادلة التي فرضها “الكيان” طوال عقود، لا سيما إذا لم يكن التطبيع ثمنا لذلك.
الذي لا يقلّ أهمية عن ذلك كله هو وضع “الكيان” وتابعيه في الوعي الجمعي العالمي، رسميا، وعلى نحو أوضح شعبيا، وهو وضع لم يكن بهذا المستوى من السوء في أيّ يوم من الأيام.
الخلاصة أن مشروع التوسّع والهيْمنة لا يبدو وارد النجاح، ولولا قيادة بائسة في رام الله أدمنت الخنوع، وطبّعت “قبيلتها الحزبية” على ذلك، لكان وضع “الكيان” أسوأ، مع العلم أن تصاعد مشروع الضمّ والتهجير لن يلبث أن يفضح تلك القيادة و”قبيلتها”، ويعيد الاعتبار لمشروع المقاومة في الضفة.
أسوأ أيام نتنياهو
الحديث عن نهاية الحياة السياسية لنتنياهو يتكاثر في الكيان، وتصاعد أكثر خلال الأيام الأخيرة بعد أزمته مع ترامب، والنهاية كما يقول أولئك ستكون عبر صفقة إقرار بالذنب مقابل الكفّ عن ملاحقته قضائيا.
آخر المتحدثين في الأمر هو المحلل السياسي في “معاريف”، أفرايم غانور يقول:
“بعد أكثر من سنة ونصف من حرب لا نرى نهايتها. إضافة إلى الحرب وإلى موضوع المخطوفين، توجد على عتبة رئيس الوزراء مشاكل ثقيلة الوزن كل واحدة منها فيها ما يؤدي إلى إسقاط حكومته: غلاء المعيشة، صفقة الأمريكيين مع إيران، الوضع الاقتصادي الصعب، قضية قطر غيت التي يتورّط فيها مكتب مكتبه وغيرها. في هذه الأثناء يتصدّى نتنياهو لكل ذلك، ويدير معركة أخيرة على مستقبل حكومته وعلى مستقبله. مؤشّرات التفكّك كفيلة بأن تدفعه إلى اعتزال الحياة السياسية عبر التوصّل إلى صفقة إقرار بالذنب”. (انتهى).
يصعب الجزم بحدوث ذلك، فنحن هنا أمام كائن عنيد لا يتراجع بسهولة، كما أننا أيضا أمام كائن متقلّب في البيت الأبيض يوالي الصهاينة، حتى لو قيل إنه لا يحبّ نتنياهو أو يعبد المال وحده.
يبقى أن ذلك كله لا يخفي أبدا حجم المأزق الذي يعيشه نتنياهو، ومعه “كيانه” الذي أصبح “مجذوما” في العالم، ومأزوما في الداخل ومع المقاومة ومع المحيط بشكل عام.
إلى الجحيم.
المصدر
صفحة الأستاذ ياسر الزعاترة على منصة x.