ما يجري هذه الأيام من ترتيبات وتحالفات مريبة وسباقات محمومة، باتجاه إشعال نار حرب إقليمية طائفية (سنية / شيعية) في منطقة الجزيرة العربية، بشراكة أو إدارة إسرائيلية ورعاية أمريكية.. ينبغي أن يوحد الهموم ويستنفر الهمم نحو النظر العلمي والعملي لمواجهة نازلة عظمى وكائنة كبرى يخطط لها منذ عقود ..

المشروع الفارسي وخطره على بلاد الحرمين

كان قد صدر لي كتاب منذ نحو خمسة أعوام بعنوان (حتى لا يستباح الحرم)..حذرت فيه من أن المشروع الشيعي الإيراني الذي يمضي في طريقه منذ أكثر من أربعة عقود دون اعتراض جاد من خلال مشروع سني مواجه.. هذا المشروع الفارسي المدعوم منذ بدايته من المشروع الصهيوني بوجهيه (اليهودي والصليبي) يستهدف في النهاية تطويق جزيرة العرب من جميع أطرافها، ليصل في النهاية إلى مركزها الأقدس عند سائر المسلمين ،حيث القبلة في مكة المكرمة، وحيث مسجد الرسول ومثواه في المدينة المنورة، إضافة إلى ما يسمى عند الرافضة بمراقد الأئمة بجنة البقيع..

مثلما استهدف المشروع اليهودي الصهيوني بأحقاده القدس والاقصى منذ بدأ ؛ فإن استهداف مكة والمدينة بمقدساتهما؛ هو غاية المشروع الفارسي الإيراني الشيعي منذ نشأ ويفهم ذلك من خلال استقراء أبعاد ذلك المشروع الاعتقادية والسياسية والاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية .

الإمبراطورية الفارسية والسيطرة على العالم الإسلامي السني

من تأمل مسار تلك الأبعاد خلال ما مضى من عقود؛ سيرى أنها تتضافر وتتكامل نحو الوصول إلى هدف واحد مأمول، وهو إعادة الإمبراطورية الفارسية، ولكن بنكهة نفاق رافضية، بدعوى التمهيد لـ (منتظر آخر الزمان) الخرافي الأسطوري، الذي لا يعادي أنصاره إلا طائفة السنة وأهلها، ولا يطمحون في أي مطمع غير إذلالها وإخضاعها..بدعوى أنها تناصب أهل البيت العداء..!

لذلك تم تمرير هذا المشروع المنسوب زورا للإسلام، دون غيره مما ينسب له من مشروعات أو حركات أو ثورات ، لأنه يستهدف السيطرة على العالم الإسلامي السني في غالبيته من خلال السيطرة على أرض الحرمين الشريفين ، بعد إخضاع حماها الذي يحميها من بلاد أرض النبوات والنبوءات الممتدة من النيل إلى الفرات..

وهذا ما حدث معظمه، بالسيطرة الإيرانية على أربع عواصم عربية.. قد يراد للشيعة استكمالها، بإسقاط عواصم أخرى عديدة من خلال تلك الحرب القادمة الإقليمية الجديدة ..التي بدأ بالفعل تشكيل تحالفاتها وتحديد أطرافها وأهدافها..

أمريكا في مواجهة التحالف الإيراني الروسي الصيني

قد يبدو التساؤل غريبا.. عن أطماع إيران في إخضاع موطن الحرمين الشريفين لسلطانها واستباحتها لمقدساتها عن طريق أذرعها في العراق واليمن والشام وبلدان الخليج .. لكن قياس ما يكون على ما قد كان من مكر ومؤامرات الأمريكان ؛ يوجب أن يكون هذا التساؤل وارادا على الألسنة ومترددا على الأسماع ..

خلفيات التخوف من ذلك مأخوذة من أن أحداث السنوات الأخيرة تشير إلى أن أمريكا انتهت إلى أن الصين تمثل خطرا وجوديا عليها وعلى أمنها القومي، وأن بكين وحلفاءها تتجه بقوة إلى منافسة واشنطن وعملاءها على زعامة العالم، وأن تنين الصين يستعين في صعوده بضخامة اقتصاده والتوسع الاستراتيجي لحلفائه، وبخاصة روسيا وإيران، وهو ما جعل الأمريكان يتجهون بكل جبروتهم نحو مواجهة ذلك التنين الزاحف، لتكسير المستطاع من أنيابه الروسية، ومخالبه الإيرانية، وقطع الطريق على مسارات أطماعه المستقبلية في المياه الدافئة ، من خلال حروب الوكالة التي استمرأها رعاة البقر..

توريط روسيا في أوكرانيا وكسر الفرس في حرب خليجية جديدة

بدأت المواجهة غير المباشرة بالفعل من خلال الخطة الأمريكية لإقصاء قيصر الروس (بوتين) بتوريطه في أوكرانيا، وها هي أمريكا بصدد كسر الفرس بإقحامهم في حرب خليجية رابعة، يوقد نارها اليهود، ويقودون استمرارها حتى يحرقوا بها مراحل من خططهم ومشروعاتهم ، وبخاصة تلك المتعلقة بصفقة القرن، التي يجري تحويلها إلى مشروع (الولايات المتحدة الإبراهيمية) المعروف سابقا بمشروع (إسرائيل الكبرى) ..

مواجهة الفرس والروم على أرض العرب

شيعة الفرس بدورهم لن يجدوا – في حال اندلاع الحرب – أهدافا أرغب ولا أقرب إلى خدمة أهدافهم البعيدة من استهداف دول الجوار القريبة، المطلة على ضفاف الخليج ، حيث الأغلبيات الشيعية والثروات النفطية، التي يسيل لها لعاب الآيات الشيطانية في طهران ، بذات الدرجة التي يهيم بالغوص في لججها طغاة الأمريكان..

ولذلك فإن معركة تكسير عظام بين الفرس والروم تدق طبولها، وقد تمتد فصولها، ولا مكان لها غير أرض العرب، كما جرت بذلك عادتهما عبر التاريخ..

تخاذل الحكام ودور الأمة بكل مكوناتها

أخشى ما نخشاه..أن الذين أضاعوا القدس وسلموا بغداد وفرطوا في صنعاء من أجلاف الأعراب، والذين تهاونوا في إنقاذ دمشق وبيروت من أحلاف العلمانيين ؛ قوميين وليبراليين.. سيكونون أول من يفر إذا اشتد الكر وحمي الوطيس؛ في حال تعرض أرض الحرمين للعدوان الإيراني باسم رد العدوان الإسرائيلي ..

الأمة وحدها مدعوة بدعاتها وعلمائها ومفكريها وكل رجالها وشبابها إلى التخلي عن السلبية القاتلة التي أوصلتها إلى تلك الأوضاع المزرية التي سمحت لـ “ولاة أمرها” بتسليم دهاة اليهود وعتاة النصارى مفاتيح إدارة صراعاتها والدفاع عن مقدساتها ومقدراتها ؛ في جيش (عربي/ إسرائيلي) موحد ، يجعل علم السعودية الأخضر يرفرف بجوار علم إسرائيل الأزرق ..!

وهو ما جعل بايدن – قصم الله ظهره – يرتب بعد طول امتناع؛ لزيارة ” تاريخية” للمملكة السعودية ؛ لبدء فعاليات الحلف غير المقدس الجديد..بين علمانيي العرب ومتديني اليهود..!

التحالف (العربي الإسرائيلي) عار وخيانة

وإنما وصفت هذا التحالف (العربي الإسرائيلي) بالخائن، لأنه تحالف مع أخون الخونة لأمتنا، من عتاة وطغاة الصهيونيتين اليهودية والصليبية، بدعوى دفع شر الفرس الإيرانيين ، وما هو إلا ذريعة لاستنفارهم وتهييجهم على أوطان العرب السنة المسلمين ، في حرب إقليمية دموية، سيجري تصوير إلإيرانيين وأذرعتهم فيها زورا على أنهم الطرف الوحيد المقاوم الصامد ضد المشروع اليهودي وعملائه .. وهنا لن يستطيع العقلاء إقناع الدهماء بمن هم على الحق، ومن هم على باطل..

من جهة أخرى.. هل يحتاج الأمريكيون لإسرائيل في ضرب إيران، وأمريكا تملك 60 %من القوة العالمية، ولها حول العالم أكثر من 750 قاعدة عسكرية، وهي تقاتل اليوم روسيا النووية بأوكرانيا ومعها في الحرب كل أوروبا ..؟!

أمريكا وتوظيف طهران لتحقيق مصالحها في المنطقة

هذه الأمريكا .. لو شاءت أن تمحو طهران من الخريطة لفعلت منذ عقود.. ولكنها وظفت أعداء الصحابة لارتكاب أفظع الجرائم التي لم يتجاسر علي اقترافها أي من أصحاب الملل الضالة أو النحل المنحلة ..

والكيان اليهودي الذي فرض بضغط أمريكي نشر منظومة رادار إسرائيلية في دول خليجية، ما أراد من وضعها إلا أن تكون تلك الدول في مرمى التهديدات الإيرانية الصاروخية، والإيرانيون صرحوا بالفعل أن تلك الأنظمة ستكون أهدافا مباشرة عند أول ضربات إسرائيلية محتملة .

زيارة (بايدن) وتدشين تحالف المنافقين والكفار

زيارة (بايدن) القادمة للسعودية ستكون لتدشين تحالف العار والشين (العربي الإسرائيلي) .. وسيكون على هامش تلك الزيارة – كما هو مرجح – إلزام الدول الخليجية بالضغط النفطي على الروس ، وستكون فرصة مواتية للتتويج العملي للغر المغرور (ابن سلمان) ليكون – إلى حين – ملكا على بلاد الحرمين، في أدق وأخطر مراحلها التاريخية المعاصرة..!

شأن أمثال هذا التحالف بين المنافقين والكفار الظاهرين قديم ومعروف، ولكن الجديد فيه أن هناك من سيصف هذا المنكر الأكبر بالمعروف والحل الأمثل، كما حدث في التحالف الثلاثيني مع أمريكا لتدمير العراق بدعوى امتلاكه لأسلحة دمار شامل ، وبعده التحالف السبعيني لتدمير سوريا باسم محاربة الإرهاب..! ثم “التحالف الخليجي” لتدمير اليمن؛ بدعوى محاربة الحوثي ..والله أعلم بالغانم والغارم في ذلك التحالف القادم ..

لقد فصل القرآن في شأن ما جرى وما سيجري من تحالفات ثالوث العداء التاريخي ( يهود / نصارى / منافقون) عندما قال الله تعالى :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) [المائدة:51-52].

فاللهم ائت بالفتح أو أمر من عندك، حتى يصبح المنافقون على ما أعلنوا وما أسروا في أنفسهم نادمين ..

“ناتو شرق أوسطي” والغرض منه

التطورات التي تتسارع في المنطقة ، ستزداد حدتها وشدتها بعد الإطلاق الرسمي للتحالف العسكري (العربي الإسرائيلي) الشهر المقبل، في حلف ناتو شرق أوسطي جديد ضد إيران، بدعوة أمريكية، كانت قد سبقت بدعوة أطلقها في مارس عام ٢٠٢١ الأمريكي اليهودي (رونالد لاودر) رئيس المؤتمر اليهودي العالمي.  وهي الدعوة التي كررها مؤخرا ودعا إليها ملك الأردن، ليضم هذا التحالف غالب دول الخليج ومصر والأردن وتركيا، مع توجيهات أمريكية وإدارة مركزية من الدولة اليهودية .. !

الغرض الأمريكي الرسمي المعلن لهذا الحلف على لسان بايدن- كما أعلن صراحة – هو : “ضمان أمن إسرائيل” . أما الحجة العربية الإعلامية حتى الآن فهي:  تغطية عواصم الخليج بغطاء جوي إسرائيلي (شبكات رادار) ضد تهديدات إيران ، وهذا يعني أن الجزيرة العربية ستكون ميدان المعارك إن نشبت.

الجزيرة العربية وطن الإسلام

هذه الجزيرة التي كان يصفها الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله – بأنها “وطن الإسلام” ؛ لا يعد الاهتمام بشأنها أمرا خاصا بسكانها فحسب ، وبخاصة بلاد الحرمين، بل إن أمنها شأن أممي، ليس بقومي ولا وطني، فضلا عن أن يكون شأنا ملكيا، سعوديا أو أردنيا أو مغربيا .. أو أي شأن آخر من شؤون الجمهوريات الملكية أو المملوكية..

ظلت هذه الجزيرة مشمولة قديما بمظلة أمنية إلهية، تمهيدا لمجيء الرسالة المحمدية، وظلت بعد ذلك آمنة في غالب تاريخها ببركة هداية الحق وشريعة الإسلام . وقد نبه القرآن الكريم إلى ذلك في قول الله عز وجل: (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص:57].

والحرم الآمن سيظل آمنا ما دام محفوفا بالإيمان ، ومحفوظا بالمؤمنين من جند الرحمن، فقد أمرهم الله بتأمينه وتوفير الأمان لساكنيه وآميه، فقال: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) [آل عمران:69].

والمعنى كما قال الإمام الجصاص في تفسيره :

” هو حكم من الله تعالى لا خبر منه، فيكون المعنى من دخله أمنوه. وقوله: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا) إنما هو حكم منه بذلك لا خبر، وكذلك قوله تعالى: (رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا) . كل هذا من طريق الحكم لا على وجه الإخبار بأن من دخله لم يلحقه سوء، لأنه لو كان خبراً لوجد مخبره على ما أخبر به”1(1) كتاب أحكام القرآن للجصاص..

هل يعقل أو يشرع أن يستغنى عن مظلة الأمن والحماية الإلهية، القدرية والشرعية ، لحساب مظلة الخوف والخيانة اليهودية..؟!

يبدو أن هذا ما تسير إليه أمور “ولاة الأمور” في زمن التطبيع والتضييع ، على طريق تحقيق صفقة القرن اليهودية ، التي تترجم عنها اتفاقات السلام الخليجية ، المسماة بالإبراهيمية..

نتنياهو وحكومة الحرب

عودة نتنياهو المرجحة لقيادة الدولة اليهودية بعد حل الحكومة الإسرائيلية؛ دليل آخر جديد على عزم اليهود على تكوين “حكومة حرب” بالاشتراك مع العرب لمواجهة كبرى ضد إيران على ضفاف الخليج، والهدف ليس فقط منع طهران من امتلاك السلاح النووي بدماء وأرواح وأموال العرب في حرب خليج رابعة؛ بل إن هناك أهدافا أخرى قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى؛ لن يفوت الطامعون المتآمرون فرصها ، وسيعملون على جعل الحرب المتوقعة معبرا لها..

نسأل الله أن يبطل ما يمكرون، ويحيل بينهم وبين ما يشتهون..

أهداف الحلف المشؤوم

هذه الأهداف القديمة المتجددة للمشروعات المعادية المتعددة ؛ تضاف إلى أهداف تلك الحرب، وهي تتعلق بجزيرة العرب عامة، وبأرض الحرمين خاصة، وسيفتح المتربصون ملفاتها تباعا بصور متنوعة تحت ضجيج الأحداث المتوقعة.

ومن الأهمية بمكان أن ننبه أو نكرر التنبيه على أن التنافس المحموم بين المشاريع المعادية؛ تتقاطع خطوطه وخططه في عدد من تلك الأهداف المبيتة منذ زمان، والتي تنتظر لحظات المناسبة والإمكان ..

ومن تلك الأهداف التي ينبغي مراقبتها ومتابعتها لمعرفة مسارات الأعداء في تحقيقها ما يأتي :

أولا: إحياء مشاريع التقسيم للعالم العربي والإسلامي

هدف إعادة تقسيم الجزيرة، ضمن بقية مشاريع التقسيم الصهيونية والصليبية المنشورة والمتطورة المعدلة، والتي بدأ الإعلان عنها منذ الستينات الميلادية وما بعدها، وحتى بدايات الألفية الثالثة .

وانظر في ذلك – إن شئت – مقالا لي قديم بعنوان (مشاريع التقسيم بين قادم وقديم) ومقال آخر بعنوان: (الظل اليهودي وراء مشروعات التقسيم) ..وتجدهما على الشبكة بعنوانهما..

وهما يثبتان أن مسلسل التقسيم بغرض الإضعاف والتقزيم يسير بانتظام من قديم ، بتخطيط اليهود والصليبيين الذين يجري التحالف معهما اليوم.. بحيث لا يكاد يستثني قطر عربي من تلك الخطط التي تم تنفيذ بعضها بالفعل على الأرض في (العراق – السودان) وبعضها قيد التنفيذ في (اليمن وسوريا وليبيا) وبعضها الآخر تدبر لأجله أحداث كبرى لقطع خطوات في الطريق إليه، كما هو الحال في (السعودية ومصر وربما تركيا)..

ثانيا: تدويل الحرمين

هدف تدويل الحرمين، وإخراجهما من الوصاية السنية، مهما كانت شكلية، بدعوى محاربة التشدد والوهابية، وقد يستدعي ذلك مستقبلا إشراك الشيعة والأسرة العلوية الهاشمية، مع بعض الدول ذات النزعة الصوفية والتوجهات العلمانية في إدارة دورية أو مشتركة؛ للحرمين الشريفين..حماهما الله وحفظهما من كيد المشركين ومكر المنافقين.

ثالثا: استنزاف عائدات النفط

هدف استنزاف عائدات الثروة البترولية لدى الدول الخليجية، لقطع الطريق على أي مشروع نهضة مستقبلية، في حال جرت تغييرات إصلاحية جذرية في بعض تلك الدول.. واستدراج بلدان إسلامية أخرى للتطاحن مع إيران وأذنابها، وفي مقدمتها تركيا ،التي توعد بايدن في وعوده الانتخابية بإسقاط رئاستها وتغيير وجهتها ..

رابعا: تغيير البنية الفكرية للطائفة السنية

تغيير البنية الفكرية لعوام الطائفة السنية في الجزيرة وما حولها، من خلال استثمار نتائج تجفيف منابع المنهجية السنية، علما وعملا، وهو ما يسير حثيثا منذ عدة أعوام، من خلال الاستيلاء على منابر التوجيه في بلاد الحرمين وغيرها، وتشويه المناهج الإسلامية في الجامعات والمدارس وتغييرها .

خامسا: استفراغ طاقات الشباب والزج بهم في محارق جديدة

تكرار استفراغ طاقات الشباب المتحمس في الأمة عن طريق استفزازهم واستنفارهم للإيقاع بهم في محارق جديدة، بلا خطة ولا مشروع، خاصة في حال استشعار الخطر على الحرمين الشريفين، حيث ستتعالى الدعوات الحكومية الرسمية للنفير العام للدفاع عن شرف الإسلام ، كما حدث إبان غزو أفغانستان..

سادسا: تحقيق مشروع (الولايات المتحدة الإبراهيمية)

بعد تأمين الدولة اليهودية من المخاطر الوجودية النووية، يستهدف اليهود حرق المراحل نحو تحقيق مشروع (الولايات المتحدة الإبراهيمية) التي بدأ تطبيقها مع دول الخليج اقتصاديا، وها هي تتطور اليوم عسكريا.. ريثما تصل إلى التنسيق السياسي في شكل اتحاد فيدرالي، على النحو الذي كان يحلم بيريز، والذي بشر به ترامب وصهره اليهودي كوشنار..

المواجهة تحت راية إسلامية ذات منهجية مستقيمة

أقول: إن حماية جزيرة العرب وأرض الحرمين والقدس والأقصى وكل ديار المسلمين .. حتم لازم وفرض واجب..ولكن هذا لن يتحقق إلا تحت رايات حرة إسلامية ، ذات منهجية مستقيمة ووسطية .. لا تحت رايات غلو ديني أو انحراف علماني، خاصع للعلو اليهودي الصليبي .. أو غير ذلك من الرايات الأخرى العمية الجاهلية..

وبغير هذا لا نصر ولا أمان ولا حماية، لأن الحال سيكون على ما قال الكبير المتعال :

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].

الهوامش

(1) كتاب أحكام القرآن للجصاص.

اقرأ أيضا

أوهام ضرب الغرب لإيران

المشروع الأمريكي في حرب أهل السنة .. المحور العسكري

الديانة العالمية الجديدة (الإبراهيمية)

 

التعليقات غير متاحة