رياح تموج، وفتن تعتصر الأمة، وهجمة شرسة على الدين، وتطاول على أصول ثابته، وتساقط رموز ودعاة، وأقنعة، وتوارٍ خلف حجج وشعارات كاذبة. هذا يتم في بلاد الحرمين..
وفي هذا المقال توضيح وبيان وتحذير..
فتنٌ تموج .. وحججٌ كاذبة
فإن الفتن العظيمة والرياح العاتية التي تهب اليوم على أهل الإسلام لم تعد خافية على أحد، كما أن ظهور آثارها الخطيرة على الأفراد والطوائف والدول لم تعد سرا مكنونا بل ظهر كل شيء مخبوء.
وإن أخطر ما في هذه الفتن ما يقوم به بعض المخذولين الذين ابتلاهم الله بفتنة المنصب والسلطة فوظفوه في تبديل دين الله عزوجل، الذي هو ملة إبراهيم ودين محمد صلى الله عليهما وسلم حيث يسعون إلى إفراغ الدين من مضامينه وثوابته القائمة على التوحيد والولاء والبراء والتسليم لشرع الله عزوجل والحكم بها والتحاكم إليها.
وذلك تحت مظلة “الإسلام المعتدل” ، و”النظر إلى الدين الإسلامي كموروث ثقافي يُجل ويحترم في كونه صلة روحيه بين العبد وربه لا دخل له في الحياة السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية”.
حقيقة العلمانية
وهذه هي حقيقة العلمانية التي تكفر بشرع الله عزوجل، وترفض أن يتدخل في حياة الناس أو أن تبني عليه العلاقات مع الآخرين حبا وبغضا وولاء وبراء.
ومؤدى هذه الدعوة الحرج والضيق من الآيات في كتاب الله عز وجل التي تأمر بالحكم بما أنزل الله والتسليم له، وتحذِّر من موالاة الكفار ومحبتهم، وتدعوا إلى البراءة منهم وجهادهم بالسنان والبيان.
قال الله عزوجل عن هؤلاء المبدلين وأمثالهم ﴿قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ (يونس:15) ولذا فالآيات القرآنية التي فيها ذكر «الجهاد» و«الحكم بما أنزل الله» و«عداوة الكافر» عندهم لا تناسب العصرفلا بد من تبديلها؛ فقلوب المنافقين في حرجٍ منها.
حقيقة رؤية 2030
إن ما يحصل في بلاد الحرمين في (رؤية 2030) من الإنقلاب على دين الأمة والإتيان بدين جديد تحت مسمى «الإسلام المعتدل» و«التحول الوطني» هو أخطر ما في هذه التغيرات والرياح العاتية..
وإن الذي نراه اليوم من موالاة الكفار ورقص وغناء وحفلات ماجنة وسينما وجر للمرأة إلى السفور والإختلاط بالرجال في المحافل والوظائف والرياضة وغيرها؛ إن هو إلا إفراز للمنكَر الأكبر وهو تبديل الدين وتنحية الشريعة..
وقد وصلت الجرأة بالمبدلين أن يتطاولوا على مقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه كان في عهده الموسيقى والغناء والمسارح والرقص؛ ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ (الكهف:5).
هذه هي حقيقة (رؤية 2030) وإن أظهرها أصحابها في ثوبٍ اقتصادي استثماري.
استخدام المنتسبين للعلم
وإن من أخطر وسائل المبدلين للدين استخدامهم لبعض المنتسبين إلى العلم والمشيخة في تمرير وتبرير هذا التبديل، بليّ أعناق النصوص وتأويلها لتوافق غرض المبدلين الذين يقومون بتوظيف أقوالهم في إقناع الناس بمشروعهم التبديلي، وتسميته بـ «العمل الإصلاحي».
ولأن المبدلين في الدين يعلمون أن ما له مساس بالدين لا يقوى على إقناع الناس بتغييره إلا شيخٌ أوفقيه. وهنا تكمن الفتنة الكبرى على أمثال هؤلاء المشايخ وذلك في كونهم مشاركين للمبدلين في الجريمة الآثمة لأنهم يشرعنون للمبدلين تبديلهم ليشتروا به ثمنا قليلا من لعاعة هذه الدنيا أومناصبها وجاهها وبئس ما يشترون..
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (آل عمران:77-78).
لَيّ ألسنتهم بالكتاب
هذا وإن كانت الآيات في أهل الكتاب إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
واللَّيُّ المشار إليه في الآية من أهل الكتاب ﴿يَلْوُونَ﴾ كان لَيّا لفظيا ومعنويا، وأما القرآن الكريم فلا يستطيع أحد لَيَّ ألفاظه وتحريفها لأن الله عز وجل تعهد بحفظه ولكن يبقى إمكانية اللَّيّ والتحريف المعنوي وهو ما يقوم به علماء السوء ليشتروا به ثمنا قليلا.
وبهذه المقدمة يتبين عنوان هذا المقال:
“القنديل والمنديل وما يجري على الدين من التبديل”
ويمكن توضيحه بصورة أو نماذج أكثر….
للاطلاع على بقية السلسلة:
- القنديل والمنديل .. وما يجري على الدين من تبديل (2 – 4) قناديل من علماء السلف
- القنديل والمنديل .. وما يجري على الدين من تبديل (3-4) قناديل معاصرة
- القنديل والمنديل .. وما يجري على الدين من تبديل (4-4) مواقف مظلمة