512 – مفهوم 26: مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد
– لا يفرق البعض بين مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد، ويشيع عند أصحاب هذا الفهم المغلوط مقولة: «لا إنكار في مسائل الخلاف»، وهي مقولة خاطئة واعتقاد فاسد؛ إذ ليس كل خلاف معتبرًا يسوغ العمل بمقتضاه بأي وجه من أوجهه، بل إن الخلاف الذي يعارضه نصٌّ من الكتاب أو السنة هو خلاف شاذ غير معتبر ومردود على صاحبه.
– ويلزم على هذا القول الفاسد أن يقتصر الإنكار في شريعة الإسلام فقط على المنكرات القطعية الضرورية المجمع على كونها منكرة.
– والاختلاف ليس حجة في ذاته، بل الكتاب والسنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين.
– وقد يخالف عالم في مسألة لعدم بلوغه الحديث الوارد فيها، أو لاعتقاده عدم صحته، أو لذهوله عنه حين الخلاف؛ وحينئذ لا يجوز متابعة هذا العالم مع وجود الدليل المخالف لقوله، …إلى غير ذلك من الأسباب التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القيم: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام).
– ومن لوازم هذا القول الفاسد مخالفة عقدية خطيرة: فحين تُرَدُّ السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأجل وجود من خالف في هذه المسألة فهذا يعني أن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره لا تكتسب شرعيتها إلا حين يتفق عليها الناس. وهذا مسلك خطير يُخالف أصل الإسلام الذي معناه الاستسلام لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم.
– والعبارة الصحيحة التي تقبل في هذا المجال هي: «لا إنكار في مسائل الاجتهاد»؛ فمسائل الاجتهاد هي التي ليس فيها دليل ملزم ونصٌّ صريح يجب العمل به وجوبًا ظاهرًا، أو كان الاجتهاد في فقه الموازنات بين المصالح والمفاسد؛ فحينئذ يجوز الاجتهاد في المسألة لتعارض الأدلة أو خفائها، ويأخذ المرء بما يؤديه إليه اجتهاده إن كان عالمًا، أو بما يطمئن إليه ويثق فيه من اجتهاد العلماء إن كان مقلدًا.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445

