221 – مفهوم 9: الجهل وعدم بلوغ الخطاب الشرعي المانعان للتكفير
يأتي الجهل لمعانٍ عدة؛ منها: خلو النفس من العلم -وهو المقصود هنا- واعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه؛ فمن وقع في النهي والمخالفة -سواء كانت كفرًا، أم بدعة، أم فسقًا- بسبب عدم بلوغ الخطاب الشرعي له وجهله به فإنه لا يناله الوعيد في الدنيا ولا في الآخرة المتوعد به مرتكب المخالفة، ولا يُحكم عليه به حتى يبلغه العلم الذي تقوم به الحجة عليه؛ هذا في الجملة، أمَّا تفصيل ذلك فيقول فيه ابن القيم -رحمه الله-: «وهذا في أحكام الثواب والعقاب، أمَّا في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر؛ فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم» [طريق الهجرتين، ص424]، ومثل هذا من يقع في شرك جليٍّ، كالسجود لصنم، أو الذبح والنذر لغير الله تعالى؛ فإنه يكون مشركًا في أحكام الدنيا، وأمَّا العقوبات الدنيوية والأخروية فلا تناله إلا بعد زوال الجهل وقيام الحجة؛ قال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا) [الإسراء:15].
والعذاب يستحق بسببين: أحدهما: الإعراض عن الحجة وعن إرادتها أو العمل بها وبموجبها، والثاني: معاندة الحجة ورفض العمل بها بعد العلم بها وقيامها على المعاند. فالأول: كفر إعراض، والثاني: كفر عناد واستكبار. أما الوقوع في الكفر بسبب الجهل وعدم قيام الحجة، أو عدم التمكن منها؛ فهذا الذي نفى الله عن صاحبه التعذيب حتى تقوم حجة الرسل.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445