216 – مفهوم 4: أصول التكفير

إن مسألة تكفير المعين من عدمه مسألة خطيرة؛ وذلك من وجهين:

الأول: تكفير المعين الذي لا يستحق التكفير بمجرد شبهات لا ترتقي إلى القطع بتكفيره.

الثاني: عدم تكفيره رغم توفر الشروط وانتفاء الموانع التي يقطع معها بتكفيره والتعامل معه بأحكام الإسلام.

ولتكفير المعين أصول ينبغي الانطلاق منها ومراعاتها؛ أهمها:

1 – يجب أن يكون الحكم على المعين بعلم وعدل؛ وذلك بأن يكون الحكم بتكفيره أو عدمه صادرًا عن علم شرعي بأحكام التكفير وضوابطه وشروطه، وعلم واقعي بحال المعين المراد الحكم عليه، وأن يتثبت من ذلك كله، وألا يكون مبنيًا على ظنون وأوهام واحتمالات، وأن يكون الحكم بعدل وتقوى حذرًا من الهوى وحظوظ النفس؛ قال تعالى: (وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا) [الإسراء:36]، وقال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ) [المائدة:8].

2 – أن يكون المرجع في تعريف الإيمان والكفر وما يقتضيانه بيان الله عزّ وجلّ في كتابه، وبيان رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وبفهم الصحابة رضي الله عنهم. وهذا الأصل فرع عن الذي يسبقه؛ إذ لا يجوز الخوض في مسائل الإيمان والكفر إلا بعلم راسخ بمعناهما وحدودهما بفهم السلف الصالح، وإلا وقع المرء في بلاء مذاهب المبتدعة في تعريف كل من الإيمان والكفر كالخوارج والمرجئة.

3 – من ثبت إسلامه بيقين لا يجوز إخراجه منه إلا بيقين؛ وهذا مندرج تحت القاعدة الفقهية العظيمة: «اليقين لا يزول بالشك»، فما ثبت بيقين أنه ردة يُحكم به، وما يُشك أنه ردة فلا يُحكم به.

4 – تجري الأحكام في الدنيا على الظاهر، والله يتولى السرائر، فلا يُفتش عن بواطن الناس حيث لم يأمر الله بذلك، فمن كان ظاهره الإسلام حُكم له به، ومن كان ظاهره مناقضًا للإيمان حكم عليه به، والعبرة في ذلك بآخر ما كان عليه المكلف، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الناس وفق ظواهرهم؛ فيقبل ظاهر إسلام المنافقين مع أنهم كفار في الباطن، إلا أن يُظهر هذا المنافق كفره قولًا أو فعلًا، فحينئذ يحكم عليه بهذا الظاهر.

5 – الحكم المطلق بتكفير القول أو الفعل لا يلزم منه الحكم على المعين به، بل يقال: هذا القول أو الفعل كفر، ولا يلزم أن كل من تلبَّس به يكون كافرًا بعينه حنى تتوفر شروط التكفير وتنتفي الموانع، وهذا حكم هام في التكفير والتبديع والتفسيق.

6 – لا يُحكم على المعين بمآلات قوله أو فعله، ولا يُلزم بلازم قوله أو فعله، إلا إن عُرضت عليه هذه المآلات واللوازم فقبلها والتزم بها، أمَّا إن أنكرها عند عرضها عليه فلا يحكم بكفره.

المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445

انظر أيضا

مفاهيم حول الكفر والنفاق

موضوعات كتاب: خلاصة مفاهيم أهل السنة

التعليقات غير متاحة