152 – مفهوم 26: الطبيعة العملية للقرآن الكريم
لأن القرآن الكريم كلام الله عزّ وجلّ فهو ليس ككلام أحد من البشر، ولا يُقرأ لمجرد الثقافة، بل حتى لا تقتصر قراءته على مجرد تحصيل ثواب التلاوة والورد اليومي، أو نستمع له فنطرب ويهتز وجداننا ونشعر بطمأنينة مجملة؛ إن القرآن الكريم يُنشئ ذلك كله فينا، ولكنه إلى جانب ذلك كله ذو طبيعة عملية توجه المؤمنين إلى ما ينبغي عليهم في حياتهم وكيفية التعامل مع ما يواجههم في الحياة من مواقف؛ تمامًا كما كان يفعل في المؤمنين الأوائل الذين عاصروا تنزيله؛ فهو كتاب هادٍ وموجِّه لمن عاصروه ومن بعدهم، كما أنه يتأثر به كل من : الكبار والصغار، والعلماء والعوام، والعرب والعجم، وهذا من أوجه إعجاز القرآن الكريم أيضًا؛ فلا يمكن أن تجد كتابًا آخر يؤثر على أناس بهذا التفاوت؛ فما يؤثر في الكبار من كتب البشر لا يأبه به الصغار ، وما يدركه العلماء يجهله العوام ويملون منه، …إلخ.
إن المرء ليقرأ النص القرآني مرات عديدة، ثم يحدث له موقف معين فإذا النص نفسه يفيض عليه بهدايات لم يدركها من قبل؛ تبين له ما عليه فعله تجاه هذا الموقف، وتكشف له الطريق الخافي، وترسم له الاتجاه القاصد، وتفيء بالقلب إلى اليقين الجازم والاطمئنان العميق، وليس ذلك لغير القرآن في قديم ولا حديث.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445