89 – مفهوم 29: اسم الله «الجبار» وآثار الإيمان به
جاء اسم الله (الجبار) في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى: (ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ) [الحشر:23].
وللجبر في اللغة معانٍ ثلاثة:
1 – الإكراه على الشيء: جبر الرجلَ على فعلٍ؛ أي: أكرهه عليه.
2 – القوة والعلو والطول؛ قال تعالى حكاية عن قول بني إسرائيل عن سكان الأرض المقدسة: (إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ) [المائدة:22]؛ أي: أقوياء طوال عظام. ويقال للنخلة الطويلة التي تفوت يد المتناول: جبارة.
3 – الجبر عكس الكسر: جبر العظم يجبره أي: أصلح كسره، ومنه الجبيرة التي توضع للعظم المكسور. وجبر الرجل من الفقر: أغناه.
وتتحقق هذه المعاني كلها لله تعالى؛ فهو الذي يجبر خلقه على ما يريد من أمره الكوني القدري -بخلاف الأمر الشرعي الذي يرضاه لهم ولا يجبرهم عليه- وهو العالي القوي الذي لا يطال علوه ولا قوته أحد، وهو الذي يجبر الكسر ويغني من الفقر؛ فهو الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة ولكل ضعيف عاجز يلجأ إليه ويلوذ به.
وآثار الإيمان بالمعنيين الأولين لاسم الله (الجبار) هي نفسها آثار الإيمان بأسمائه: الكبير، الأعلى، القوي، العزيز. أما الإيمان بالمعنى الثالث لهذا الاسم الكريم فيثمر في قلب المؤمن: محبة الله عزّ وجلّ، وطلب الحاجات منه وحده؛ لذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجلوس بين السجدتين في الصلاة: (اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني) [رواه الترمذي (262)، وابن ماجه (898)، وصحَّحه الألباني في صحيح ابن ماجه (732)].
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445