يفتقد الغرب المباديء ويتنكر للدين، ثم يتعوض بمرقِّعات لا تستُر، ويبقى التناقض صارخا. وفي الإسلام؛ المنهج متكامل، بينما يتنكر له أهله أو يجهلونه، ثم يتماسّون مع الغرب لتعويض ما لا يعوَّض.. فأي مفارقة تلك..؟!
هذا المقال يوضح بعض التناقض الصارخ ويوضح حقيقة ما أنزل الله الينا ونمتلكه؛ لكننا نبتعد عنه..!
احتفالات مهيضة، لا تستر
في الثامن من مارس كلَّ سنةٍ يُقام احتفال عالميٌّ بالمرأة، وكما يقولون: إنَّ هذا الاحتفال للدلالة على الاحترام العام للمرأة، وتقديرًا لإنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. الخ
لن نتحدَّث عن انتهاك هؤلاء الكفَّار حقوقَ الشعوب الإسلامية بنسائها وأطفالها في كافَّة أرجاء الأرض؛ فهذا أمرٌ لن يلتفتوا إليه.. وهل يستمع القاتلُ لبكاءِ وأنين ضحاياه؟!!
ولكن دعونا نتأمَّل ونتكلَّم عن انتهاك هؤلاء الكفَّار بعضهم بعضًا؛ حتى يعلمَ كلُّ مُنصفٍ أنَّ عموم البشرية حين تكون بعيدةً عن شريعة ربِّ العالمين تكون في غابةٍ يأكل القويُّ فيها الضعيف..
تزامنَ هذا الاحتفال المزعوم بالمرأة في سَنَتِـنا هذه مع ما نشرته صحفًا غربيَّة عن مآسي العاملات في أَرْوِقة الأمم المتحدة التي تتبنَّى اليوم العالمي للمرأة..
حقائق تبطل الصخب
تفاصيل مرعبة ترويها موظَّفاتٌ بالأمم المتحدة عن تعرُّضهنَّ للتحرُّش والاغتصاب داخل أَرْوِقة المؤسسة الدوليَّة!!!
تقول صحيفة الغارديان البريطانية:
«إنَّ منظَّمة الأمم المتحدة قد سمحت بنموِّ وانتشار التحرُّش والاعتداءات الجنسيَّة في مكاتبها في جميع أنحاء العالم، من خلال عدم الالتفات لشكاوى المدَّعين وإفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب».
ووصف العشرات من موظَّفي الأمم المتحدة الحاليين والسابقين ثقافة الصمت عبر المنظَّمة ونظام التظلُّم المعيب بأنَّه تحيُّز ضدَّ الضحايا.
وقالت (خمس عشرة) موظَّفة من بين الموظَّفات اللاتي تـــمَّت مقابلتهنَّ إنَّهنَّ تعرَّضنَ أو تظلَّمنَ بالفعل من التحرُّش الجنسي أو الاعتداء خلال السنوات الخمس الماضية. وتراوحت الجرائم المزعومة بين التحرُّش اللفظي والاغتصاب.
وقد أفادت (سبع) من النساء أنَّهنَّ أَبلغنَ رسميًّا بما حدث، وهو الطريق الذي يقول عنه النشطاء إنَّ الضحايا نادرًا ما يسلكنَهُ خوفًا من فقدان وظائفهنَّ، أو اعتقادًا بأنَّه لن يُجدي نفعًا ولن يقودَ إلى أيِّ إجراءٍ ضدَّ المعتدين.
يأس من الانصاف
وتقول إحدى الاستشاريَّات، التي زعمت أنَّها تعرَّضت للتحرُّش من قِبَل مشرفها أثناء عملها لدى برنامج الأغذية العالمي:
«إذا أبلغتَ عن ذلك فإنَّ حياتك المهنيَّة قد انتهت، خاصة إذا كنت مستشارًا».
وعقَّبت:
«وسيمضي الأمر كما لو لم تقل شيئًا».
وتحدَّث الموظَّفون العاملون في أكثر من (عَشر) بلدان إلى صحيفة الغارديان، شريطة عدم الكشف عن هويَّتهم، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنهن يُمنَعن من التحدُّث علنًا طبقًا لقواعد الأمم المتحدة التي تحكم الموظفين، وجزئيًّا خوفًا من الانتقام بالتأكيد.
وقالت (ثلاث) نساء أبلغنَ عن التحرُّش الجنسي أو الاعتداء الجنسي، وكلُّهنَّ من مكاتب مختلفة، أنَّهنَّ قد أُجبِرنَ منذ ذلك الحين على ترك وظائفهنَّ أو هُدِّدنَ بإنهاء عقودهنَّ في العام الماضي. ولا يزالُ الجناةُ المزعومون، الذين يضمُّون من بينهم مسؤولًا كبيرًا في الأمم المتحدة، في مناصبهم.
وقالت إحدى النِّساء، التي تدَّعي أنَّها تعرَّضت للاغتصاب من قِبَل أحد كبار موظَّفي الأمم المتحدة أثناء عملها في أحد الأماكن البعيدة:
«لا توجَد خيارات أخرى للحصول على العدالة، بل والأدهى أني قد فقدت وظيفتي أيضًا».
وقالت:
«إنَّه على الرغم من الأدلَّة الطبيَّة وشهادات الشهود، فإنَّ التحقيق الداخلي الذي أجرته الأمم المتحدة لم يجد أدلَّة كافية لدعم ادِّعائها».
وبالإضافة إلى فقدها لوظيفتها، تقول إنَّها فقدت أيضًا تأشيرتها وقضت أشهرًا في المستشفى بسبب التوتُّر والصدمة التي أصابتها بعد الحادث، وتقول إنها تخشى من مواجهة الاضطهاد إذا عادت إلى وطنها.
وفي الوثائق الداخلية التي اطَّلعت عليها صحيفة الغارديان، تشير اثنتان من النساء إلى قلقهنَّ بشأن التحقيقات. وقالتا إنَّ فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لم يستجوب الشهود الرئيسيين…
نظرة وتعليق
فإذا كان هذا هو حال المرأة في منظمة الأمم المتحدة وقوانينها فما هو حالها فيما هو دون ذلك من مؤسسات وهيئات.. الجميع يعلم الحال وإن كابر المكابرون..
هذا هو حال المرأة في ظلِّ الانحراف عن دين الله عزَّ وجلَّ؛ لم ـ ولن ـ تَسلَم تحت أيِّ احتفالٍ أو قانون أو عدالة مزعومة من زبالة أذهان البشر..
أخرَجوا المرأة واحتالوا عليها بدعاوى الحرية والتحرير لتكون سلعةً رخيصةً وصيدًا سهلًا لذئابٍ لا ترعوي إلا بقوَّةٍ رادعةٍ من سلطات رادعة عادلة تستمدُّ قوانينها من شريعة خالق الأرض والسماء وخالق الرجل والمرأة، والعالِـم بخلجات النفوس ـ سبحانه وتعالى.
احتاج الغرب ليومٍ يحتفون ويحتفلون به بالمرأة وبالأمِّ وباليتيم وبالمعلِّم… وهكذا؛ لأنَّ قِـيَمهم الفاسدة التي وضعوها بأنفسهم طحنت الجميع طحنًا عنيفًا فاضطرُّوا لابتكار أعيادٍ يحاولون بها التخفيف من وطأة ماديَّتهم وقسوة حياتهم.
أمَّا في ديننا الحنيف فلا نحتاج لذلك لوجود ضوابط وتعاليم الرحمة والاحترام لكافَّة أفراد المجتمع وطوائفه، فما أسعدَنا بديننا ـ إن نحن طبَّقناه تطبيقًا صحيحًا ـ وما أسعدَ مَن يعتنِقُه ويلتزم بتعاليمه ويهتدي بهديه..
والعجيب هو اتِّباع عامَّة الدول الإسلاميَّة لهذه الأعياد والاحتفال بها وتعظيمها، وما ذلك إلا لإعراضهم عن دينهم وسلوكهم مسالكَ الكفَّار وقوانينهم؛ بل وقسوتهم وماديَّتهم ـ ربَّما ـ أكثر من الكفَّار الأصليين.
المرأة في ديننا
المرأة في ديننا مكرَّمة مصونة مهما كان موقعها، وليس ذلك في يومٍ واحدٍ من السَّنَة بل في كلِّ يومٍ ولحظة؛ فهي لا تحتاج عندنا يومًا واحدًا لتكريمها بل قد كرَّمها الله عزَّ وجلَّ وجعل لها أعلى مكانة؛ فمن ذلك:
عن معاوية بن جاهمة السُّلمي أنَّ جاهمة جاء إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «يا رسول الله أردتُ أن أغزو وقد جئتُ أستشيرك. فقال: هل لك من أمٍّ؟ قال: نعم . قال: فالزَمها ؛ فإنَّ الجنَّة تحت رجليها».(1)
وساوى بين حقِّها وحقِّ الرجل في العناية والرعاية؛ قال تعالى :﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ…﴾ (سورة النساء/36). وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ..﴾ (سورة لقمان/14).
والآيات في ذلك كثيرة، والأحاديث أيضًا.. ومنها: عن أبي هريرة عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : «رغِمَ أنفُ ثمَّ رغِمَ أنفُ ثمَّ رغِمَ أنفُ. قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلَيهما فلم يدخل الجنَّة».(2)
بل رجحت كفَّةُ الأمِّ عندما كانت المقارنة بين الأمِّ والأب؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «يا رسول الله مَن أحقُّ النَّاس بحُسْنِ صحابتي ؟ قال: أُمُّك. قال: ثمَّ مَن؟ قال: ثمَّ أُمَّك. قال: ثمَّ مَن؟ قال: ثمَّ أُمَّك. قال: ثُمَّ مَن؟ قال: ثُمَّ أَبُوك».(3)
وهكذا البنت لها مكانتها وكرامتها، والزوجة لها مكانتها وكرامتها؛ ولو ذكرنا الأدلَّة من الكتاب والسنَّة على ذلك لطالَ بنا المقال.
وبالجملة فقد أوصى النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم، بالنساء خشية ظلم الرجال لهنَّ لضعفهنَّ؛ عن أبي هريرة عن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال : «…استوصوا بالنِّساء خيرًا…».(4)
حفظ الله نساءنا من الوقوع في براثن الكفَّار والمنافقين ومَن سار بسيرهم ..
………………………………..
هوامش:
- [رواه النسائي (3104) وغيره ، وقال الألباني: حسن صحيح ].
- رواه مسلم (2551) .
- رواه البخاري (5971) ومسلم (2548).
- [رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) واللفظ له].
اقرأ أيضا: