193 – مفهوم 6: مشيئة الله ترتبط بعلمه وحكمته عزّ وجلّ
ينبغي على كل مؤمن أن يوقن أن مشيئة الله تعالى لا ظلم فيها، وإنما يشاء الله لكل أحد ويُقدِّر عليه ما يعلم أنه يستحقه من هدى أو ضلال، فيُجري ذلك عليه وفق حكمته وعدله عزّ وجلّ؛ فقول الله تعالى: (فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ) [إبراهيم:4] كما يؤكد أن مشيئة الله عزّ وجلّ لا غالب لها؛ وهو ما يفيده قوله عزّ وجلّ: (وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ)، يؤكد أيضًا أن تلك المشيئة هي وفق حكمته سبحانه؛ وهو ما يفيده قوله: (ٱلۡحَكِيمُ) ، وكذلك ينبغي أن تفسَّر المشيئة المطلقة في الآية بالآيات الأخرى المقيدة لها؛ فقوله: (فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ) يفسِّره ويقيده قوله تعالى: (وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ) [إبراهيم:27]؛ فمشيئته سبحانه هي إضلال من علم أنه ظالم يستحق ذلك، كما قال تعالى أيضًا: (فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ) [الصف:5].
وكذلك الأمر بالنسبة للهداية؛ فقوله تعالى: (وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ) يفسِّره قوله عزّ وجلّ: (وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَنۡ أَنَابَ) [الرعد:27].
فالخلاصة أن الله سبحانه حكيم عليم، لا يُقَدِّر على أحد إلا ما سبق في علمه سبحانه أنه يستحق ما قدَّره عليه من هدى أو ضلال، وبهذا يسلم المؤمن من الجدل العقيم في قضية الجبر والاختيار؛ تلك القضية القديمة التي لاكتها ألسنة الفلاسفة في كل عصر.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445