189 – مفهوم 2: مراتب القدر أربعة

تحقيق الإيمان بالقدر يكون بالإيمان بمراتبه الأربعة: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق:

المرتبة الأولى: العلم: والمقصود بها الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل شيء قبل وقوعه جملة وتفصيلًا؛ سواء فيما يتعلَّق بفعله سبحانه من خلق، ورزق، وإحياء وإماتة، …إلخ، أو ما يتعلَّق بفعل المخلوقين؛ قال تعالى: (وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا) [الأحزاب:40]؛ فقوله: (بِكُلِّ)عام يشمل كل معلوم، وقال تعالى: (وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عِلۡمَۢا) [الطلاق:12].

وهذا العلم من الله تعالى لم يسبقه جهل، ولا يلحقه نسيان؛ كما قال تعالى: (قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ (٥١) قَالَ عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَٰبٖۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى) [طه:52،51]، فقوله: (لَّا يَضِلُّ)أي: لا يجهل، وقوله: (وَلَا يَنسَى) أي: لا ينسى ما كان معلومًا من قبل، وذلك بخلاف المخلوق الذي يسبق علمه الجهل، كما يعتريه النسيان.

المرتبة الثانية: الكتابة: والمقصود بها الإيمان بأن الله تعالى (كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) [نص حديث رواه مسلم (2653)]، وقد قال الله تعالى: (مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ) [الحديد:22]، وقال تعالى: (أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ) [الحج:70].

المرتبة الثالثة: المشيئة: والمقصود بها الإيمان بأن كل ما كان وما يكون إنما هو بمشيئة الله عزّ وجلّ؛ كما يقول المسلمون: «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن»، وسواء في ذلك ما كان من فعل الله عزّ وجلّ أو من فعل المخلوق؛ كما قال تعالى: (وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ) [البقرة:253]؛ فالاقتتال هو فعل العبد، والله عزّ وجلّ جعله بمشيئته، وقال تعالى: (وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ) [الأنعام:112].

المرتبة الرابعة: الخلق: والمقصود بها الإيمان بأن الله تعالى هو الذي خلق ما علمه وكتبه وأراده؛ فهو خالق كل شيء، والآيات في ذلك كثيرة؛ منها قوله تعالى: (ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ) [الزمر:62]؛ وقوله عزّ وجلّ: (إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ) [القمر:49]. ويدخل في ذلك أيضًا أفعال العباد؛ فأفعالهم مخلوقة من الله عزّ وجلّ؛ كما قال تعالى: (وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ) [الصافات:96].

المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445

انظر أيضا

مفاهيم حول الإيمان بالقدر

موضوعات كتاب: خلاصة مفاهيم أهل السنة

التعليقات غير متاحة