185 – مفهوم 17: مخلِّص البشرية
تعتقد جل الطوائف أو الملل أن للبشرية مخلصًا يأتي في آخر الزمان ليخلصها من الظلم والشر المستشري في الأرض. وكل طائفة أو ملة تدَّعي لنفسها هذا المخلِّص وفق عقيدتها:
– فاليهود يسمونه «الماسيا» أو «المشيح» أو «المسيح»، ويزعمون أنه هو الذي بشَّرت به توراة موسى، وأنه لم يأت بعد؛ ولذا يكذبون نبي الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ولا يؤمنون به. ومسيحهم المنتظر هذا هو في حقيقة الأمر المسيح الدجال الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أشراط الساعة، وأنه سيتبعه سبعون ألفًا من يهود أصفهان.
– والنصارى يرون أن مخلص البشرية هو عيسى ابن مريم عليه السلام، وأنه سوف ينزل مرة أخرى آخر الزمان ليحكم الأرض ويقتل الوثنيين –ويعنون بهم المسلمين الذين لا يؤمنون بألوهيته- وأنه سيرتقي بالنصارى إلى السحاب.
– والروافض يزعمون أن المخلص هو مهديهم المنتظر: محمد بن الحسن العسكري الذي يزعمون أنه ولد وأنه دخل في صغره إلى سرداب بسامراء، وسيخرج آخر الزمان فيحيي بزعمهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويحاكمهما وسائر الأصحاب رضي الله عنهم، وينتقم منهم جميعًا للشيعة وآل البيت، إلى آخر ذلك من أوهامهم وترهاتهم.
– وللمجوس مخلِّص اسمه «شوثن» أو «الأشرازيطا»، يزعمون أنه سيعيد الإمبراطورية الفارسية.
– بل حتى اللا دينيين يؤمنون بفكرة خلاص البشرية؛ فتجد الأمريكان يرون خلاص العالم في اتباع قيمهم الرأسمالية والحرية المطلقة والديموقراطية المزعومة، والشيوعيون الملحدون يرون خلاص البشرية في القضاء على المِلْكية الفردية وإزالة التفاوت الطبقي، والتخلص من أوهام الدين بزعمهم.
– أمَّا أهل السنة والجماعة من المسلمين فيعلمون من السنة المتواترة معنويًّا أنه يخرج في آخر الزمان رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة رضي الله عنها، يوافق اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم؛ يصلحه الله في يوم وليلة، ويؤيِّد به الدين، يملك الأرض سبع سنين يملؤها عدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، وتنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، وفي عهده ينزل عيسى عليه السلام ويصلي خلفه تكرمة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويقتل عيسى عليه السلام وقتها المسيح الدجال بباب لد بفلسطين الحالية. ومن الأحاديث الصحيحة الصريحة في المهدي: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج في آخر أمتي المهدي؛ يسقيه الله الغيث، وتُخرِج الأرضُ نباتها، ويُعطي المال صحاحًا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا؛ يعني حججًا) [رواه أبو داود (4285)، وأحمد (11130)، والحاكم (8898) وصحَّحه، ووافقه الذهبي، وصحَّحه الألباني (الصحيحة 711)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند: رجاله ثقات].
ومما ورد في الصحيحين فيما يتعلق بالمهدي دون ذكر اسمه أو لقبه حديث: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم!) [رواه البخاري (3449)، ومسلم (155)]، وحديث: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة؛ قال: فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا؛ إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة) [رواه مسلم (156)]. [ولمزيد اطلاع على المهدي وأخباره يراجع فصل المهدي في كتاب «أشراط الساعة» للدكتور يوسف الوابل، ص193-211].
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445