من أعظم سخافات عصرنا تقسيم المسلمين إلى (إسلاميين) وغير (إسلاميين). وإذا سألت عن تعريف هذا الكائن العجيب: (الإسلامي)، قيل لك: ذاك الذي يرى وجوب الاحتكام إلى الشريعة..!! قلتُ: فمن يكون هذا (المسلم) الآخر الكافر بشريعة ربه؟!

الخرافة: العالم العربي يعيش صراعًا بين الإسلاميين والعالمانيين

كشف الخرافة: إذا كان (الإسلامي) هو الذي يرى وجوب تطبيق الشريعة، فالمعركة عندها بين المسلمين والعالمانيين الكفرة.. فإنه لا إسلام لمن لم يسلّم أنّ الله أحكم وأعلم، وأنّ حكمه الذي تنزّل في القرآن والسنّة ملزم لكل مسلم.. “فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم”.

(الإسلامي) كائن خرافي تم اختراعه للتعمية على زندقةٍ تقول: الشريعة مسألة قابلة للنظر والرفض..

فضح المغالطة: زندقة.. على استحياء!

المغالطة: تطالبون بإقامة الشرع، ونحن نوافقكم وجوب ذلك.. ولكن على مذهب مَن؟ مالك أم الشافعي أم أصحاب المذاهب المهجورة كسفيان الثوري والأوزاعي؟

فضح المغالطة: إقامة منظومة الدولة والمجتمع على أصول -أو حتى فروع- أي مذهب من المذاهب المذكورة، هي إقامة للشرع بحق، وفي المسائل الخلافية لابدّ من الأخذ بأحدها. واختيار الإمام -الذي بايعته الأمّة بيعة حقيقية- يرفع الخلاف (كما هو الأمر حتّى في المذاهب الأرضية الوضعيّة). ومسألة الترجيح بين المذاهب لا تعني العامة ابتداءً؛ فهي باب لا يخوض فيه إلّا أهل النظر من المتضلّعين في الفقه وأصوله، وذاك باب صارت تُرصد له اليوم مجالس الفتوى الجماعية.. ومَن اجتهد دون آلة علميّة، أثم؛ وإن أصاب..

تتمّة المغالطة: ولكنّ الخلاف بين المذاهب ثابت!

جواب المغالطة: الخلاف ثابت، والأخذ بقول إمام معتبر واجب، ويرفع الإشكال ويُذهب الحرج.. وسؤالي: ما الحل إذن؟

تتمة المغالطة: لأنّ الفقهاء اختلفوا، فالواجب ترك أقوالهم جميعا؟

– فعلى أيّ أساس تقوم منظومة الدولة والمجتمع؟

– (همهمة ماكرة تخفي ما في الصدور).. نأخذ بالليبرالية؟

– ولكنّ الليبرالية كفر أكبر، بيّن، صريح، واضح، جليّ، فاجر …؟! ثم بأيّ مذهب من مذاهب الليبرالية نأخذ، وهي طرائق ومدارس؟!

– بأيّ واحد منها.. لا حرج.. المهم أن تسير مصالح الناس! أو نختار أحدها ونترك البقيّة.

– إذن الاختيار بين مناهج الكفر لا حرج فيه.. والاختيار بين اجتهادات الأئمة سبيل فوضى..

زندقة ولا أبا بكر لها…..

كشف المغالطة..بشار لم يكن عالمانيًا ، بل عسكريًا

المغالطة: بشّار (بإمكانك أن تضع اسم أيّ طاغية آخر) لم يكن عالمانيًا secular، بل عسكريًا مجرمًا.. العالمانية تضمن الحريّات والسلام في المجتمع.

كشف المغالطة: قدَرُنا أن نعلّم الملاحدة إلحادهم في سلسلة “الإلحاد في الميزان”، ونعلّم العالمانيين عالمانيتهم اليوم.. وهو قدَر كلّ مسلم اليوم..*علّمهم قبل أن تناقشهم*!

العالمانية إطار عام يجمع كلّ رؤية في تنظيم حياة الناس أو بعضها تقوم على استلهام المعارف والقيم من داخل (العالَم) حصرًا..

بعبارة أخرى:

العالمانية فكرة عامة تضم نظريات كثيرة ومتخالفة، تتفّق على رفض مرجعية (ما وراء العالم = الوحي)، وتختلف في ما عدا ذلك.

بعبارة أخرى:

العالمانية تقول لك: *اكفر بالله، ثم اقبل ما تشاء*.. والكفر بالله هنا لا بمعنى إنكار وجود خالق، وإنّما بمعنى إنكار سلطان الله على البشر في الحلال والحرام..

بعبارة أخرى:

الإسلام يقول عن ربّ العزّة جلّ وعلا: “وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله”.

العالمانية تقول: قد يكون إلهكم في السماء إلهًا، ولكن على الأرض، لا إله (المطاع بإطلاق) إلّا الإنسان.

= بشّأر عالماني، صادق في عالمانيته؛ فقد كان حربًا على إقامة الدنيا وفق الدين.. ولا يجتمع في قلب عبد دينان، دين الإسلام ودين العالمانية.

مغالطة شائعة.. العالمانية هي الحل عند اختلاف الطوائف

تعليق بمناسبة ظهور حساسية القوم من راية  “لا إله إلّا الله”.

المغالطة: العالمانية هي الحل عند اختلاف الطوائف، لمنع الاحتراب ونشر التعايش. العالمانية تحترم الأديان، وتوفّق بينها في سِلم.

الحقيقة: العالمانية دين يقمع الأديان الأخرى عند وجودها على أرض واحدة، ليحلّ محلّها؛ فهو لا يوفّق بينها (وهذا ليس بمطلب إسلامي أصلًا؛ فالإسلام يعلو ولا يُعلا عليه)، وإنّما ينصبّ الرؤية العالمانية مرجعية عليا، ويترك للأديان هوامش للتديّن الفردي.

هل العالمانية دين في التعريف الفلسفي والسياسي والقانوني الغربي وفي التعريف الإسلامي الشرعي؟

مسلمون وكفرة.. تصحيح العنوان

من أعظم سخافات عصرنا تقسيم المسلمين إلى (إسلاميين) وغير (إسلاميين). وإذا سألت عن تعريف هذا الكائن العجيب: (الإسلامي)، قيل لك: ذاك الذي يرى وجوب الاحتكام إلى الشريعة..!! قلتُ: فمن يكون هذا (المسلم) الآخر الكافر بشريعة ربه؟!

الآن بدأ رؤوس الكفر وذيوله داخل سوريا في التحرك للمطالبة بدولة عالمانية.. وبدأنا نرى حديثا في الخطاب الدعوي عن معركة عجيبة (الإسلاميين) والعالمانيين.. وبئس هذا العنوان الذي لم يأت إلا بالخراب، والذي أوهم الشعوب أنها معركة بين اجتهادات ولو كان أحدها معيبا لا بين (أديان وشرائع)، بين إسلام وكفر.. بين إيمان وزندقة.. معركة في واقع مسخ، واقع يتزوج فيه الليبرالي من مسلمة، ويرث فيه الاشتراكي من مال والده البيولوجي المسلم، ويدفن فيه القومجي في مقابر المسلمين..

يبدأ الفرج بتصحيح المفاهيم،.. مسلمون لا إسلاميون.. الولاء للشريعة أو الكفر بالله..

شفقة زنديق!

يحذّر العالمانيُ المسلمَ العربيَ من أنّ حكم الإسلام سيهوي بنا في قاع التخلّف ويغرقنا في بحر الدمويّة!

قلتُ: لا تخف، لا يوجد قاع تحت هذا القاع في بلادنا العربية المحكومة بالعلمنة منذ عقود طويلة، وأمّا الدم؛ “فصيدنايات” بلادنا شاهدة عليه!

لم يصر للعرب ذكر في كتب التاريخ إلّا بالإسلام؛ فلمّا تعلمنت الديار، استقرّت في القاع!

المصدر

صفحة الدكتور د. سامي عامري على منصة X.

اقرأ أيضا

المعركة الأكبر والأهم في سوريا الآن

أولوية الإصلاح في زمن الظلم والجبروت والعدوان

الثورة السورية..تباشير ومحاذير..(١)

الثورة السورية..تباشير ومحاذير..(٢)

التعليقات غير متاحة