20 – مفهوم 8: في التوحيد تحول من الفوضى إلى النظام
الإيمان بالله وتوحيده هو نقطة التحول في حياة البشر من العبودية لشتى القوى والأشياء والاعتبارات إلى عبودية واحدة لله الواحد المتعالي؛ عبودية ترتفع بالنفس فوق كل شيء وكل اعتبار دنيوي، وتنقله من فوضى التيه والتشتت إلى النظام وتَوَحُّد القصد والهدف؛ إذ بدون التوحيد لا تعرف البشرية لنفسها قصدًا مستقيمًا ولا غاية مطردة، ولا تعرف نقطة ارتكاز تتجمع حولها في جد ومساواة كما يتجمع الوجود كله وينتظم بالخضوع لإرادة الله الواحد القهار وفق نواميسه وسننه المطردة؛ قال تعالى: (لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء:22].
فكلمة «لا إله إلا الله» منهج حياة كامل يشمل الجانب الاعتقادي، والجانب التعبدي، والجانب السلوكي العملي من حياة المرء، والقلب لا يستقر ولا يطمئن إلا بالتوحيد؛ حيث يدرك أنه لا محبوب لذاته إلا الله، ولا مراد لذاته إلا الله، وأن كل ما يحب ويراد سوى الله فإنما ينبغي أن يكون تابعًا لمراد الله ومحبته؛ فكل شيء منتهاه في الحقيقة إلى الله عزّ وجلّ؛ كما قال تعالى: (وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ) [النجم:42]. فليس وراءه سبحانه غاية تُطلب أو يكون إليها المنتهى.
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم