168 – مفهوم 16: عصمة الأنبياء بين أهل السنة وأهل البدع
الفرق الأساس بين أهل السنة وأهل البدع في مسألة عصمة الأنبياء هو:
أن أهل البدع -كعادتهم- حكَّموا عقولهم القاصرة في هذه المسألة، ودفعهم ذلك إلى ردِّ ما ورد من أحاديث الآحاد فيها، أمَّا الآيات فألجأهم تواترها وعدم إمكان ردِّها إلى تأويلها بتأويلات جزافية مجاوزة لحدود اللغة وللتوافق مع السياق الواردة فيه بأي وجه.
أمَّا أهل السنة فيعرفون للرسل والأنبياء قدرهم، ويفقهون معاني الآيات والأحاديث ودلالاتها على وجهها الصحيح دون تعسف وتحريف.
وأصل الخطأ في المسألة هو: تحكيم أهل البدع قوانينهم العقلية في الأمور الاعتقادية، وصوغ القضايا الاعتقادية في قوالب عقلية جامدة وقاصرة؛ فإنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة نصٌ يُقرِّر القاعدة العقلية التي تزعم أن: «كل نبي معصوم من كل ذنب»، بل هي قاعدة وضعها أهل الكلام للرد على القاعدة العقلية القاصرة الأخرى التي وضعها منكرو النبوات؛ وهي: «إذا جاز الذنب الواحد على النبي جاز عليه كل ذنب»، وهذا مجرد ادِّعاء باطل يردُّه صريح القرآن الكريم الذي يثبت الوقوع في شيء من ذلك للعديد من الأنبياء والرسل؛ مثل: آدم، ونوح، وموسى، وداود، وسليمان، ويونس، ومحمد صلى الله عليهم جميعًا وسلم تسليمًا.
والقول الفصل هو: أن الله عزّ وجلّ هو الذي عصم أنبياءه ورسله، وهو الذي شاء لهم أحيانًا أن يقعوا فيما يوجب عتابهم ثم توبتهم لحِكَمٍ عظيمة أرادها سبحانه؛ مثل: إثبات بشريتهم، وإظهار تمام عبوديتهم لله في مقام الإنابة والتوبة، وما يترتب على ذلك من حكم تربوية، وليس لنا نحن البشر أن نعقب على حكم الله أو نرد بعض أمره ببعض.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445