139 – مفهوم 13: عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ودلالته
لقد عوتب النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما آية من القرآن الكريم:
– فعوتب على إذنه للمنافقين بالتخلف عن الجهاد قبل تبين صدقهم من كذبهم؛ قال تعالى: (عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ) [التوبة:43].
– وعوتب على تحريمه على نفسه بعض ما أحلَّ الله له: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِي مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ) [التحريم:1].
– وعوتب على إعراضه عن ابن أم مكتوم الأعمى والتفاته إلى وجهاء قريش عوضًا عنه: قال تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ١ أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ ٢ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ٣ أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ ٤ أَمَّا مَنِ ٱسۡتَغۡنَىٰ ٥ فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ ٦ وَمَا عَلَيۡكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ ٧ وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسۡعَىٰ ٨ وَهُوَ يَخۡشَىٰ ٩ فَأَنتَ عَنۡهُ تَلَهَّىٰ ١٠ كـَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ) [عبس:1-11].
– ولعل أشد عتاب له صلى الله عليه وسلم كان في قول الله تعالى: (وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيۡدٞ مِّنۡهَا وَطَرٗا زَوَّجۡنَٰكَهَا لِكَيۡ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ إِذَا قَضَوۡاْ مِنۡهُنَّ وَطَرٗاۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولٗا) [الأحزاب:37].
فكل آيات العتاب هذه تدل على أن القرآن الكريم من عند الله تعالى، ولا يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد افتراه من عنده؛ إذ لو كان كذلك لما ذكر فيه شيئًا من مثل هذا العتاب؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قد بلَّغ رسالته البلاغ المبين، ولم يدع شيئًا مما أوحي إليه إلا وبلَّغه ولم يكتمه؛ فهو لا يسعى إلى تعظيم نفسه بل يريد أداء أمانة التبليغ على أكمل وجه وأتمه.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445