298 – مفهوم 3: ضرر حصر معنى العبادة في الشعائر التعبدية
من يحصر معنى العبادة في الشعائر التعبدية فقط فسيُقصِّر حتما في طاعته لربه سبحانه، وإذا قلت له: إن ذلك يخالف عبوديتك لله سيجيبك بأنه قد أدَّى ما عليه من عبادة وصلاة، وأنه حاليًا في تدبير لأمر حياته ومعاشه؛ وكأنه لم يسمع أو يفهم قول الله تعالى السابق ذكره: (قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ) [الأنعام:162].
كما سيترتب أيضًا على حصر معنى العبادة في الشعائر التعبدية فقط الخلل والتقصير في أداء هذه الشعائر نفسها وما يُرجى من ثمارها؛ فستصبح الصلاة حركات آلية خالية من الخشوع ولا تنهى عن الفحشاء والمنكر، بل ربما انشغل فيها بالتفكير في تدبير حياته؛ لأنه لم يفهم أن الخشوع -وهو عمل قلبي- من العبادة، وأن ترك الفحشاء والمنكر من العبادة، وسيصبح الصيام إمساكًا عن الطعام والشراب يفطر بعده على ما يتخم معدته، ويسلِّي نفسه -بزعمه- خلال صيامه وبعده بمشاهدة الفوازير والمسلسلات الهابطة، ويطلق نظره فيما حرَّمه الله، ولن يحقق صيامه التقوى المرجوة منه، وسيؤدِّي زكاة ماله ثم لا يبالي بعدها إن نمت تجارته وأمواله من الربا والمعاملات المحرمة؛ لأنه لم يفهم أن ترك ذلك هو من العبادة التي هي: أن تكون حياته كلها لله ووفق مراده سبحانه
وكذلك فإن حصر معنى العبادة في الشعائر التعبدية هو الباب الذي يدخل منه العلمانيون وأضرابهم في جعل العبادة علاقة خاصة بين العبد وربه فحسب ولا دخل لها في سائر شؤون الحياة من: اقتصاد، وسياسة، شؤون المرأة والأسرة، والمعاملات بين الناس.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445