الحياد القاتل . الصمت العلميّ وأثره على الموقف العام

إنّ العلماء ليسوا مجرد دعاة ووعاظ ومعلمين ومرشدين، وإنما هم إلى جانب ذلك أولياء أمر المسلمين، وهم صلب أهل الحل والعقد الذين يناط بهم سياسة الأمة وتوجيه أحداثها وصناعة حاضرها ومستقبلها…

دور العلماء القيادي: بين التغييب الشرعي والواقع المرير

كم إنّ الأمة بحاجة لأن يتقدمها علماؤها في كلّ المواقف، فالعلماء هم فَمُ الشرع ولسانُ الوحي، وهم الموقِّعون عن ربّ العالمين؛ وغيابهم عن الساحة تغييبٌ لدور الشرع وتكميمٌ لصوت الوحي وإقصاءٌ للأحداث عن أحكام الله، وغيابهم اليوم ليس ذلك الغياب الذي يأتي مع انحدار شمس الدنيا إلى المغيب، ليس الغيابَ الذي أنذر به حديث: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»1([1]) متفق عليه صحيح البخاري برقم (100) مسلم برقم (2673)..

الغياب القيادي: الخطر الأكبر على كيان الأمة

فقد وردت أحاديث يفهم منها أن قبض العلم – الذي لا يكون إلا بقبض العلماء – سيكون في آخر الزمان، إمَّا ضمن أشراط الساعة، أو ضمن مقدمات أشراط الساعة؛ حيث تكثر الملاحم والفتن المؤذنة بخروج الدجال واشتعال فتيل الأشراط الكبرى، كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ …»2([2]) صحيح البخاري (2/ 33).، كما أنَّنا في واقعنا الذي نحياه نرى العلماء الربانيين ملء السمع والبصر، لا يحصيهم عَدّ ولا يطويهم حَدّ، فليس للحديث – إذنْ – عمل في زماننا هذا – كما قال الشاطبيّ – إلا الدلالة “على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل العلماء”3([3]) الاعتصام للشاطبي ت الهلالي (2/ 574).، أمّا الغياب الذي وقع ويقع في زماننا فهو تغييب دورهم الذي لا قيام للأمّة مع غيابه، وإذا كان دورهم في الوعظ والإرشاد والتعليم والإفتاء ظاهرًا بارزًا، فإنّ الذي تواطأ على طَيِّهِ الكونُ وساكنوه والدَّهرُ وقاطنوه هو الدورُ القياديُّ للعلماء؛ فليس من طريقة هذا الدين أن يترك المسلمين في لحظة من لحظات دهرهم فوضى لا سراة لهم، كيف وهو الدين الذي اشتمل على ما لا يقوم ولا يُقام إلا بنظام على أيِّ وجه من الوجوه الشرعية أتى هذا النظام؟!

من الوعظ إلى القيادة: إحياء الدور السياسي المغيَّب للعلماء

إنّ العلماء ليسوا مجرد دعاة ووعاظ ومعلمين ومرشدين، وإنما هم إلى جانب ذلك أولياء أمر المسلمين، وهم صلب أهل الحل والعقد الذين يناط بهم سياسة الأمة وتوجيه أحداثها وصناعة حاضرها ومستقبلها، وهم الذين عناهم الله بالدرجة الأولى في الآيات التي تأمر بالطاعة لأولى الأمر وردِّ الأمور إليهم في سلمهم وحربهم وفرحهم وكربهم، فمن هذه الآيات: قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[النساء: 59]، فهذه الآية الكريمة تأمر المسلمين بطاعة أولى الأمر، وهذا يعني أن لهم نفوذا وسلطانا، وأولوا الأمر هنا هم: «أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام؛ فلهذا كان أولوا الأمر صنفين: العلماء والأمراء»4([4]) مجموع فتاوى ابن تيمية (28/170)، والاستقامة لابن تيمية (2/295)..

أولو الأمر: العلماء والأمراء شركاء في قيادة الأمة

يقول الإمام أبو بكر ابن العربي: “والصحيح عندي أنهم الأمراء والعلماء جميعا، أما الأمراء فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم. وأما العلماء فلأن سؤالهم واجب متعين على الخلق، وجوابهم لازم، وامتثال فتواهم واجب … وقد سماهم الله تعالى بذلك فقال: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾… فأخبر تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم حاكم «والرباني حاكم»، والحبر حاكم، والأمر كله يرجع إلى العلماء؛ لأن الأمر قد أفضى إلى الجهال، وتعين عليهم سؤال العلماء …”5([5]) أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله (ابن العربي) (1/534) دار المنار القاهرة ط أولى 2002.، ويقول الإمام الجصاص: بعد أن ذكر خلاف العلماء حول أولى الأمر: أهم العلماء أم الأمراء: “ليس بممتنع أن يكون هذا الأمر للفريقين…إذ ليس في تقديم الحكم بالعدل ما يوجب الاقتصار بطاعة أولى الأمر على الامراء دون غيرهم”6([6]) أحكام القرآن للجصاص، أبو بكر أحمد الرازي (الجصاص)، دار الفكر ط أولى 2001 (2/298). بل إن قوله تعالى بعد ذلك «فإن تنازعتم في شي فردوه إلى الله الرسول» يدل على أنهم العلماء لأنهم الذين يعرفون كيفية الرد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقول العلامة ابن عاشور – مبينا طريق ثبوت صفة ولاية الأمر: “وطريق ثبوت هذه الصفة لهم إمّا الولاية المسندة إليهم من الخليفة ونحوه، أو من جماعات المسلمين إذا لم يكن لهم سلطان، وإمّا صفات الكمال التي تجعلهم محلّ اقتداء الأمّة بهم وهي الإسلام والعلم والعدالة. فأهل العلم العدولُ من أولي الأمر بذاتهم لأنّ صفة العلم لا تحتاج إلى ولاية، بل هي صفة قائمة بأربابها الذين اشتهروا بين الأمّة بها، لما جرب من علمهم وإتقانهم في الفتوى والتعليم”7([7]) التحرير والتنوير(5/98)..

إذا شغر الزمان من الإمام.. فالعلماء ولاة العباد

ومن هنا كان للعلماء دور كبير عند شغور الزمان من السلطان العام وخلوه من إمامة جامعة تلتقي عليها كلمة المسلمين، يقول الإمام الجوينيّ: “فإذا شغر الزمان عن الإمام وخلا عن سلطان ذي نجدة وكفاية ودراية، فالأمور موكولة إلى العلماء، وحق على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يرجعوا إلى علمائهم، ويصدروا في جميع قضايا الولايات عن رأيهم، فإن فعلوا ذلك، فقد هدوا إلى سواء السبيل، وصار علماء البلاد ولاة العباد”8(8) غياث الأمم في التياث الظلم – للإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين ت: عبد العظيم الديب – مكتبة إمام الحرمين الطبعة: الثانية، 1401هـ ص 391.، وإن تعجب فليس ثمّ أعجب من هذه المعادلة المختلّة: يستدل العلماء على وجوب الإمامة بأنها ضرورية لإقامة أحكام الدين التي لا قيام لها إلا بإمامة وزعامة؛ اتباعاً لقاعدة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، ثمّ إذا شغر الزمان من الإمامة، وصفرت يد المسلمين من القدرة على إقامتها؛ أفلتت القاعدة من أيديهم؛ فتركوا الأمّة سدى والأحكام الشرعية هملاً، وكأنَّ هذه القاعدة الفقهية الكلية الممتدة قد حبست في إطار الإمامة فهي متعلقة بها وجوداً  وعدماً!

فنون التغييب: بين سجن الجسد وإلهاء العقل

هذا الدور الجوهري المؤثر المحرك هو الذي يخشاه ويتحاشاه النظام الدوليّ الذي تقوم مؤسساته وأنظمته على أساس مضاد تمام المضادة لما في رأس هؤلاء العلماء؛ ومن ثمَّ فلابد من الحيلولة بينهم وبين دِفء التغيير وحرارة التأثير، كان لابدّ من قطع الصلة بينهم وبين الشعوب، ولا سيما الشباب الغَلَّاب الوَثَّاب؛ لنبقى هكذا أبداً؛ يدور حالنا بين فقه مقيد أسير، ونضال بلا وعي ولا منهجية في كل أفق يعن له يجمح ويطير، ويظل علماؤنا بين شجب وشجب، شجب لعدو متجبر وشجب لشباب متعثر، وهذا هو التغييب الحقيقيّ، وللتغييب فنون عند من يمارسونه على العلماء، لا تقل خبثا وإجراما عن الفنون التي يمارسون بها إحلال العملاء محل العلماء، أَوْضَحُ هذه الفنون وأَصْرَحُها: السجن والاعتقال والقتل والاضطهاد والنفي والإيقاف عن العمل وحظر الحركة وغير ذلك من وسائل القمع السافر، ووراء هذه الفنون فنونٌ أخرى أكثر خبثا وأفدح أثراً، منها فنُّ الإلهاء، وهو فنّ يركز على شَغْل العلماء بأمور شكلية وتضييع أوقاتهم في أنشطة هامشية، مع إيهامهم بأنهم يخدمون الإسلام، أو على أقل تقدير يقومون بما يُستطاع تجاه دينهم وأمتهم؛ لذلك يعجب كثير من العقلاء من ظاهرة التباين الشديد بين ضآلة وضحالة المخرجات وقصورها وعجزها وبين ما أنفق في سبيلها من أوقات العلماء وجهودهم وأموال الأمة ومقدراتها.

إلى متى يسبق دم الشهداء مداد العلماء؟

حتى البيان الذي يعدّ أول واجبات العلماء في دورهم القياديّ للأمة يأتي في أغلب الأحيان غير مكافئٍ للأحداث، فبين دماء الشهداء ومِداد العلماء يقف العقل المسلم مندهشًا، ويتسائل مُتَبَرِّمًا: إلى متى يظلّ الخطّ الفاصل بين دماء الشهداء ومداد العلماء قائمًا ممتدًا من الأرض إلى السماء؟ إلى متى يظلّ الأول سابقًا والثاني لاحقًا؟ ألم يأْن لمداد العلماء أن يتدفق في حينه بلا تلعثم ولا ارتباك كما تتدفق دماء الشهداء؟ متى نرى الخطابَ والكتابَ رائدًا قائدًا ونرى النضال والنزال ماضيًا على أثره كما تمضي القافلة على صوت الحادي، صحيحٌ أنّ هناك مما سطره العلماء ما يمثل للمناضلين والثائرين مَتْنًا يقومون بشرحه في الميادين، لكنّه لا يزال نادرًا ندرة الظلال في البيداء والصقور الجارحة في جوّ السماء، ولازلنا كلما نزلَتْ نازلةٌ تدفقَتْ الدماء وتناثرتْ الأشلاء قبل أن تسيل قطرةٌ من مِداد على استحياء، فهل هذا هو الوضع الطبيعيّ أم إنّ هناك خللًا يجب تداركه ووضعًا مقلوبًا لابدّ من تعديله؟

غزة نموذجًا: حين سبقت الصورة والدماء خطاب العلماء

لقد كانت الصورة العامّة التي سادت الأمة في نازلة غزّة أنموذجًا مثاليّا لهذا الوضع المضطرب المختلّ؛ ولولا الأثر المباشر للصورة الحيّة المنقولة للناس لكان الوضع المعرفيّ أشدّ خللًا واضطرابًا؛ فلقد سبقت رسائل الدماء التي تفجرت في غزّة بين ركامها وحطامها، سبقت إلى المدارك والأفهام وانسربت في عقول المتعلمين والعوام، ووجدت طريقها إلى الضمائر والمشاعر، وحركت في المسلمين وغير المسلمين عواطف دينية وإنسانية، وأنشأت في الجيل كله على المستوى الإسلامي والإنساني وعيًا جديدًا فريدًا، وقدمت للناس عربًا وعجمًا صورة فذّة عبقريّة للنضال من أجل الحرية، وصرنا نسمع ونشهد مقاطع بالصوت والصورة لأناس من كافّة الأجناس يُعْربون عن معاني كنّا نتمنى أن يسبق إليها مداد العلماء، معاني لها تعلق بالطموح الإنساني، ولها ارتباط بالقيم الإنسانية، بلْه الإسلامية، ولها صلة بالصراع المحتدم اليوم بين الأنام والأصنام، بين الإنسانية وأعدائها الجاثمين فوق تلال الأموال.

الساحة المجدبة: غياب الخطاب الشرعي المواكب للأحداث

وعلى الرغم من كثرة ووفرة ما قيل وما سُطِّر وما سُجِّل وما دُوِّن؛ لم يكن الخطاب – من جهة الكيف – على المستوى اللائق بالحدث، إلى حدّ أنّ الميدان الشرعيّ كان مجدبًا حتى من تكييفٍ وتوصيفٍ للنازلة على الوجه الصحيح، وتأويلٍ وتنزيلٍ للأحكام بالشكل المريح، وفي الوقت الذي تجاوب فيه البسطاء الذين يحلو ويطيب لنا أن نصفهم بالدهماء – وربما الغثاء! – في الوقت الذي تجاوبوا فيه مع الحدث باستقامة واعتدال وتلقائية وعفوية؛ وجدنا أنصاف المشايخ وأشباه المتعلمين يموجون ويضطربون، ويتساءلون عن المشروعية مرة، وعن الشروط والضوابط مرة، وعن السياسة والإيالة مرات ومرات؛ وما ذاك إلا لأنّ الساحة الفكرية – بل والشرعية – مجدبةٌ من خطاب فكريّ وشرعيٍّ مواكب للأحداث مناسب للمستجدات، هذا مع أنّ الحقائق الشرعية واضحة؛ فيا للعجب!

أين التنظير لمشروع حضاري إسلامي؟

أين كتاباتنا التي تتجاوز المسائل السطحية والخلافات الجزئية؛ ذاهبةً باتجاه الاستشراف العام والتام لمستقبل المسلمين والإسلام، وصاعدة صوب التنظير والتأطير لمشروع حضاريٍ كبير، يرث المدنية والحضارة ويَبْقَى للخلق شعلةً ومنارة؟ أين الفكر الصاعد الواعد الذي يستند إلى مُحْكَمِ الكتاب، ويغوص في المسائل الكبرى التي تلاعبت بها الفلسفات الْمُشَرِّقة منها والْمُغَرِّبة؛ حتى غدت خِرَقًا كلامية أبلاها كثرة الأخذ والردّ والجذب والشدّ؟ أين رؤيتنا التي ننطلق منها في كلّ اتجاه انطلاقة واحدة، لا تختلف ولو تعددت الطرق، ولا تتقاطع ولو تفرقت السُّبُل، ولا يفوتها الانسجام التام والاتساق العام مهما شرّقت أو غرّبت؟

البيان ليس ورقة للتوقيعات.. بل تبيان للحقائق

إذا كان واجب علماء الأمّة الأول هو البيان؛ فإنّ البيان المراد منهم ليس مجرد إصدار “بيان” يلقونه إلقاءً كأنّما يتخلصون من عهدته ليفرغوا لهمومهم، ليس هو تلك الورقة التي يجمعون عليها التوقيعات ويجمعون له القامات، ويحشدون لها القنوات، إنّ البيان هو التبيان، هو تلقين الأمة الحقائق التي يجب أن تتلقنها، وكشف ما لا يجوز أن يظل متواريًا خلف استار التورية تارة والمواربة تارة أخرى، نريد البيان الذي يصدع به العلماء صدعًا جماعيًّا يزلزل العروش، نريد أن نقول الكلمة التي إن لم نقلها نكون كاتمين.

كلمة الحق عند السلطان الجائر: البيان الذي يزلزل العروش

لم نقل بَعْدُ كلمتنا في أنظمة نعلم قطعًا أنّها بمجموعها قادرة على إيقاف العدوان، ونعلم بالمستوى ذاته من القطع أنّها لن تفعل، وأنّها ممتنعة عن الحدّ الأدنى من الفعل، وممتنعة قبل ذلك عن الإقلاع عن دعم المعتدين، ولا نرى لامتناعها هذا من سبب إلا الولاء للأعداء والمظاهرة لهم على الأولياء، ونراها ترتكب كل يوم من نواقض الشرعية – إن كان لها شرعية من الأساس – بل ومن نواقض الإسلام ما يكفي لوصفها بالمروق ووصمها بالفسوق ورصفها إلى جانب الكيان الصهيونيّ في خندق الصهينة، فأين واجب البيان هنا، البيان الذي يبصر الشعوب وينير لها طريق الخلاص من قبضة الإجرام.

أسئلة ملحة تنتظر إجابات شجاعة: أمان الصهيوني في ديار المسلمين

ولم نقل كذلك كلمتنا في كثير من الوسائل والآليات التي يمكن أن تُفَعّل الطاقات وتوسِّع دائرة المواجهات مع الصهاينة؛ ليخفّ ضغطهم عن المجاهدين في غزة والمرابطين في الأقصى، على سبيل المثال: إلى الآن لم نجب جوابًا شرعيًّا مؤصًّلًا عن سؤال علميٍّ عمليّ يثب في الأذهان ويشبّ في المشاعر والوجدان: هل للصهيونيّ الذي يستوطن أرض فلسطين، ويغصب أرضها ويشرّد أهلها أمانٌ أو ذمة إذا دخل بلاد المسلمين؟ وهل يُعَدُّ أمانًا شرعيًّا ما يحوزه من تأشيرة دخول تمنحها له أنظمة زنيمة ولدت سفاحًا على مخدع سايكس بيكو ولا تزال تمارس المخادنة الدبلوماسية والعهر السياسي إلى يوم الناس هذا، ولم تستفق ولن تستتفيق إلا بعد أن يُتِمَّ العدو خطة التقسيم الجديدة التي ترث سايكس بيكو، وهي في كلّ هذه المدة لا تمثل المسلمين إلا بقدر ما كان يمثلهم المندوب السامي للاحتلال، هل إذا ظلّت هذه المسألة غائمة نكون قد قمنا بالبيان؟ أخشى أن نكون بوضعنا هذا نمارس الكتمان لا البيان .. والله المستعان.

الهوامش

([1]) متفق عليه صحيح البخاري برقم (100) مسلم برقم (2673).

([2]) صحيح البخاري (2/ 33).

([3]) الاعتصام للشاطبي ت الهلالي (2/ 574).

([4]) مجموع فتاوى ابن تيمية (28/170)، والاستقامة لابن تيمية (2/295).

([5]) أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله (ابن العربي) (1/534) دار المنار القاهرة ط أولى 2002.

([6]) أحكام القرآن للجصاص، أبو بكر أحمد الرازي (الجصاص)، دار الفكر ط أولى 2001 (2/298).

([7]) التحرير والتنوير(5/98).

(8) غياث الأمم في التياث الظلم – للإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين ت: عبد العظيم الديب – مكتبة إمام الحرمين الطبعة: الثانية، 1401هـ ص 391.

المصدر

د. عطية عدلان.

اقرأ أيضا

مصيبة العلماء في واقعنا المعاصر

الأمة تفتقدكم .. فأين أنتم يا معشر العلماء

حلف العار والخيانة ومسؤلية العلماء

التعليقات غير متاحة