25 – مفهوم 13: شروط الانتفاع بكلمة التوحيد «لا إله إلا الله»
كلمة التوحيد هي الشرط الأول والسبب الرئيس لدخول الجنة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: («أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة) [رواه مسلم (27)]، ولكن لا بد من تحقيق شروطها حتى تدخل المرء الجنة؛ قيل لوهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة «لا إله إلا الله»؟ قال بلى، وليس مفتاح إلا وله أسنان؛ فمن أتى الباب بأسنانه فتح له، ومن لم يأته بأسنانه لم يفتح له. فأسنان المفتاح هي شروط هذه الكلمة، وهي:
1 – العلم بمعناها المنافي للجهل بذلك؛ قال تعالى: (فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ) [محمد:19]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة) [رواه مسلم (26)].
2 – اليقين المنافي للشك والريبة؛ قال تعالى: (إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ) [الحجرات:15]، وقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: (من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة) [رواه مسلم (31)]. أما المرتاب فهو من أهل النفاق كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ) [التوبة:45].
3 – قبول القلب واللسان لهذه الكلمة وما تقتضيه، وعكسه الإنكار والإعراض والاستكبار، وهو فعل الكافرين؛ فقد أنكروا ذلك وقالوا: (أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ) [ص:5]، واستكبروا عن قبولها كما قال تعالى: (إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ) [الصافات:35].
4 – الانقياد لما تدل عليه الكلمة وما تقتضيه؛ وهو الإسلام الذي يعني الاستسلام لله تعالى وأوامره؛ قال عزّ وجلّ: (وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ)[الزمر:54]، وقال عزّ وجلّ: (وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ)[لقمان:22]، والعروة الوثقى هي كلمة التوحيد، وتمام الانقياد وغايته: تقديم محاب الله وإن خالفت الهوى، وبغض ما يبغضه الله وإن مال إليه الهوى.
5 – الصدق في قولها المنافي للكذب؛ وذلك أن يقولها صدقًا من قلبه، يواطئ قلبه لسانه، والكذب هو ادعاؤها مخادعة لله والمؤمنين، وهو حال المنافقين كما قال تعالى: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ) [البقرة:8-10]، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقًا من قلبه إلا حرمه الله على النار) [رواه البخاري (128)، ومسلم (32)].
6 – الإخلاص: وهو تصفية قولها بصالح النية عن شوائب الشرك، وألا يكون من وراء النطق بها غرض آخر غير قصد قائلها لربه؛ قال تعالى: (وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ) [البينة:5]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرَّم على النار من قال: «لا إله إلا الله» يبتغي بذلك وجه الله) [رواه البخاري (425)، ومسلم بنحوه (33)].
7 – محبة هذه الكلمة وما تدل عليه وتقتضيه، ومحبة أهلها العاملين بها، وبغض ما يناقضها؛ قال تعالى: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ) [البقرة:165].
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم