يعيش المسلمون اليوم مرحلة انتقالية بين نهاية الحقبة الجبرية ومقدمات عودة الخلافة الإسلامية.
تأمل وأمل
بشيء من التأمل والأمل.. يمكننا أن نرى من خلال أحداث العالم عامة، وعالم المسلمين خاصة؛ أننا نعيش مرحلة انتقالية بين نهاية الحقبة الجبرية ومقدمات عودة الخلافة الإسلامية، وفقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ – تعالى -، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ – تعالى -، ثم تكونُ مُلْكًا عاضًّا، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ – تعالى -، ثم تكونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ – تعالى -، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ) . 1رواه أحمد(٤/٢٧٣) وحسنة الألباني في مشكاة المصابيح (٥٣٠٦)
فمرحلة الحكم الجبري هي المرحلة السابقة لمرحلة عودة الخلافة على منهاج النبوة، وهي ذات سمات وصفات عايشتها الأمة بعد انتهاء مرحلة الملك العضوض.
ما يميز مرحلة الجبرية عما سبقها
وأكثر مايميز مرحلة الجبرية عما سبقها؛ أن مرحلة المُلك العَضُوض أو العَاض؛ كانت الشريعة الإسلامية هي المرجعية الأساسية الوحيدة للأمة، في حين كان غياب أو تغيبب الشريعة هو السمت العام لسلوك الحكام في المرحلة الجبرية..وهو ما ترتبت عليه مظاهر الجبر وظواهره المنافية والمجافية للشريعة على الأصعدة التشريعية والسياسية والاجتماعية، وحتى التعليمية والتربوية .
صفات وسمات مرحلة الجبر
وقد أوضحت الأحاديث كثيرا من سمات وصفات مرحلة الجبر ، 2ففي مسند أبي يعلى برقم (٨٧٣) جاءت تلك الأوصاف : (إنه بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم كائن خلافة ورحمة، ثم كائن مُلكاً عضوضا، ثم كائن عتواً وجبريةً وفساداً في الأمة، يستحلون الحرير والخمور والفُروج والفساد) والحديث وإن كان في سنده ضعفا؛ إلا أنه مطابق للواقع.
.. وفي حديث آخر ؛ وصفت تلك المرحلة بأنها ( مُلك وجَبروت ) أي حكم بالعُتو والقهر، بما
يعني سلب الإرادة وفقد الحرية في غالب أحوال الأمة الإسلامية، في ظل سيادة الأنظمة الوضعية اللادينية.
ومع غياب الإرادة الحرة في اختيار نُظم الحكم وأشخاص الحُكام؛ فقدت الأمة حصانتها وحصونها القادرة على حفظها والدفاع عنها.
متى بدأت المرحلة الجبرية
وصيغة الجَبر والجَبروت التي تُميز مرحلة. ويهمنا هنا أن نقرر أن مرحلة الحكم الجبري ؛ قد بدأت بجبرية عالمية؛ إثر بدء العلو الكبير لبني إسرائيل من يهود ونصارى، وبخاصة الفرنسيين والبريطان، الذين خلفهم الأمريكان، من خلال التحكم الدُولي في النظام العالمي القهري الذي بدأ بقهر أمتنا من خلال إسقاط كيانها العالمي الأخير، ممثلاً في الخلافة التركية العثمانية، مع بداية الحرب الأولى العالمية، التي حُشرت تركيا فيها مع معسكر هتلر؛ المغامر المهزوم .
وبعد هزيمتها؛ جرى إلغاء خَلافتها، بصورة رسمية منذ عام ١٩٢٤ الذي أعلن فيه بدء المرحلة الكمالية العلمانية، الحاكمة بالحديد والنار، ثم تَولد عنها من نشوء النظم الجبرية في بلادنا الإسلامية، متزامنا مع إقصاء الحكم بالشريعة الإلهية .
مرحلة الجبر الممتدة طوال قرنٍ مضى،لم تكن فقط في السياسة والحكم بل كانت – ولاتزال- جبراًفاسداً في التشريع والقوانين، وجبراً في الإعلام والتعليم، وجبرا في إدارة الاقتصاد وصياغة الاجتماع..وجبراً في توجيه السلوك وتخطيط التربية والتعليم، حتى لقد صار الجبر مفروضاً اليوم في إمامة المساجد وخُطب المنابر..!
..ولذلك كانت فتنة الجبرية وما ارتبط بها من جُور الحُكام؛ أشد ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، حيث قال عليه الصلاة والسلام : «أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون» (3السلسلة الصحيحة: ٤/١٠٩ )
يتبع باذن الله.
الهوامش:
- رواه أحمد(٤/٢٧٣) وحسنة الألباني في مشكاة المصابيح (٥٣٠٦)
- ففي مسند أبي يعلى برقم (٨٧٣) جاءت تلك الأوصاف
- السلسلة الصحيحة: [٤/١٠٩]
اقرأ أيضا:
- حوارات مهمة .. حول أحوال الأمة (1) من نحن
- الهجمة الشرسة والغد المأمول .. دور الصّحوة
- المعالم الرئيسية لمنهج التغيير الصحيح
- خسارة الأمة نتيجة غياب الهوية