بالرَغم من عدم وقوع الجزيرة العربية تحت سلطة الاستعمار الصَّليبي المباشر، إلا أنها بقيت تحت قيادتهم ورهن جبريتهم
حرص النظام الدولي على إبقاء بلدان الجزيرة العربية تحت قيادتهم
بالرغم من أن بقاع كبيرة من جزيرة العرب – وبخاصة بلاد الحرمين – قد نجت بحفظ الله من الاستعمار الصليبي المباشر؛ فإن أعداء الأُمَّة في النظام الدولي ؛ حرصوا مبكراً على الإبقاء على بلدان تلك الجزيرة تحت قيادتهم ورهن جَبريتهم.. حيث تزامن سقوط الخلافة العثمانية مع إنشاء الدولة السعودية والإمارات الخليجية، وجرى تكبيل نُظم الجزيرة العربية وما حولها بقيود المَلكية الجَبرية الخاضعة للجَبرية العالمية، البريطانية ثم الأمريكية
ولكن على المستوى الشعبي؛ ظلّت بلاد الحرمين – رغم دخولها تحت الجبرية ؛ متفردة لعقود طويلة بالمحافظة و الالتزام بأصول الإسلام الاعتقادية، وأحكامه التشريعية، ومثله الأخلاقية والقِيَمية..
غير أن تيارات العلمانية التي كانت تُمارِس هُناك أَخَسْ خِلال النِفاق سراً لحساب قوى الغرب خلال عقود مضت؛ تحولت بمرور الوقت من تيارات إلى عواصف، حتى غَدت مُؤخراً تحاول إثبات أن وجُودها وتَحَكُمها هو القاعدة، وليس الاستثناء..
دلائل على أن فتوح آخر الزمان الكبرى ستبدأ من الجزيرة العربية
إذا عدنا إلى ترتيب المراحل التي تمر بها الأُمَّة بمقتضى ماسبق ذكره من نصوص؛ سنرى أن مرحلة الخلافة الرَّاشدة التي كانت الجزيرة محضنها وحصنها؛ هي التي ستبدأ منها فُتوح آخر الزمان الكُبري، بعد زوال مرحلة الجبرية، وهذا ما أشار إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ. قالَ: فَقالَ نَافِعٌ: يا جَابِرُ، لا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ، حتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ) 1رواه مسلم برقم :(٢٩٠٠)
وهذا الحديث قد خاض في معناه كثير من المعاصرين، محاولين إثبات أن جزيرة العرب سبق فتحها في عهد النبوة ،ثم استكمل في عهد ابي بكر رضي الله عنه، وذلك لِدفع قول من قالوا بأن الجزيرة ستحتاج إلى إعادة فتحها في آخر الزمان، لوصول احوالها إلى أوضاع غير إسلامية، تحتاج معها إلى العودة للشريعة والشرعية بفتح إسلامي جديد..
وفي الحقيقة أن النّافين لفتح الجزيرة في آخر الزمان بدعوى عدم المجازفة في تفسير أشراط الساعة؛ لا يَقِلُّون مُجازفة عمَّن أثبت حدوث ذلك الفتح، لأن الفريق الأول النّافي استدل بالواقع التاريخي القديم..والفريق الثاني المُثبت ؛ استدل بالواقع التاريخي الحديث، الذي تتكاثر فيه الدلائل على أن الجزيرة العربية قد وقع معظمها تحت سيطرة جبريات محلية خاضعة للجبريات الصليبية العالمية، بل إن بقاعًا من جزيرة العرب قد وقعت بالفعل تحت سيطرة المستعمِر الأجنبي الكافر مباشرة،كما حدث في إمارات شرق الجزيرة عندما حكمها الإنجليز، وكذلك اليمن التي خَضع جَنُوبها لحكم شيوعي مباشر ، وزد على ذلك أن العلمانية اللادينية بدأت منذ عهد غير قصير تدُق أوتادها، وتَنصِب خيامها على أجزاء كثيرة من أرض الجزيرة..
ثم .. هل ينطبق كلامهم هذا على ماسبق فتحه من بلاد فارس وأراضي الشام التي كانت تحت حكم الروم الذين أَخرجتهم فتوح المسلمين؟
ألا تحتاج بلاد فارس اليوم إلى فتح جديد بعد الفتح الإسلامي القديم ، وهل هناك من يجرؤ على القول أن بلاد الشام التى خرج منها الروم بعُمالهم ثم عادوا بِعُمَلائِهم ستحتاج إلى فتح جديد..؟!
ومن يقول اليوم إن اليمن لاتحتاج إلى فتح يُخلصها من سيطرة الشرك الفارسي الرَافضي الذي استحوذ عليها،كما استحوذ على عدة عواصم عربية أخرى..؟!
بقي لهؤلاء أن يقولوا إن بيت المقدس الذي سبق فتحه، لن يحتاج إلى فتح جديد..!
ما نراه رُأي العين ؛ أن التطورات المفجعة في جزيرة العرب؛ تمثل بدايات ومقدمات إرباك ثم إنهاك ثم إنهاء لمرحلة الحكم الجبري التي صَحت بخَبرِها الأحاديث..فهناك ظن يشبه اليقين؛ بأن استمرار مرحلة حكم الجبارين الدوليين والإقليميين والمحليين ؛ تظل مرتبطة وجوداً وعَدَماً ببقاء الجبرية في الجزيرة العربية، ؛ التي كانت وستكون مُنطلق الفتوح الإسلامية ،ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ) 2رواه البخاري (٣١٦٨) ومسلم (١٦٣٧) .
يُتبع , بإذن الله.
الهوامش
- رواه مسلم برقم :(٢٩٠٠)
- رواه البخاري (٣١٦٨) ومسلم (١٦٣٧) .
اقرأ أيضاً:
- حوارات مهمة .. حول أحوال الأمة (1) من نحن
- حوارات مهمة (2) فىي أى زمان نحن ..؟
- حوارات مهمة (٣) الجبرية.. بين أهل الكتاب وأهل الإسلام