55 – مفهوم 6: إقرار المجالس التشريعية لأحكام الشرع لا يخرجها عن طاغوتيتها
عرض حكم الله ورسوله على المجالس التشريعية، وتوقف إقراره على موافقة هذه المجالس التي يمنحها القانون الوضعي حق التشريع المطلق هو الذي يطبع هذه المجالس بوصف «الطاغوت»؛ لأنها بذلك تنازع الله سبحانه في حقه الخالص في الحكم والتشريع، حتى لو وافقت على حكم الله؛ لأن هذا الحكم حينئذ يكتسب قانونيته في الدولة من موافقة المجلس عليه، لا لموافقته لحكم الله، ولو فُرِضَ أن جاء مجلس تشريعي جديد وألغى حكم المجلس السابق وشرع غيره فسيصبح الحكم الجديد هو القانوني الملزم في نظر الدولة والحكام، وهذا هو محض الشرك في الربوبية.
فالله عزّ وجلّ عند هؤلاء القوم ليس من حقه التشريع لذاته، ولا هو أهل لأن يكتسب حكمه صفة الإلزام لذاته، وإنما يُنتقى ويُختار من أحكامه بناء على موافقة هذه المجالس التي توصف بأنها مصدر السلطات، وأنها وحدها التي تمتلك حق التشريع، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا؛ تلك هي حقيقة أمر هؤلاء وإن زعموا ما زعموا من حبهم لله ورسوله.
ونقول لهؤلاء الضالين: لو قدَّرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ بين أظهرنا، وأخبرنا بحكم الله في أمر ما، أكان فرضًا علينا أن نطيعه رأسًا أم نعرض قوله على تلك المجالس؟! فإن قالوا بوجوب عرضه على مجالسهم فقد وقعوا في مضادة حكم الله ورسوله، وهذا كفر وشرك صريح، وإن قالوا: بل نمتثل لأمره صلى الله عليه وسلم، قلنا لهم: فهل غياب شخص الرسول هو السبب في إعراضكم عن شرع الله رغم بقاء دينه غضًّا طريًّا كما نزل عليه صلى الله عليه وسلم! إن هذا لعجب عجاب.
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم