لم يحصل في التاريخ أن تداعت أمم على المسلمين بهذه  الكثرة والقسوة، ومع هذا فإن الدلائل تتوافر على أن الفصل الحالي من تلك الحرب ممثلا في حرب غزة وما بعدها، سيكون هو الفاصل بين حقبة التنكيل القائمة ضد المستضعفين المظلومين؛ وبين حقبة الثأر الإلهي القادمة انتقاما من الظالمين واستجابة لدعوات المظلومين..

الحرب العالمية على الإرهاب

حرب الإبادة المشتعلة منذ عام في غزة؛ هي؛ كما صرح الكائن الأنتن: فصل جديد من (الحرب العالمية على الإرهاب).. وقد سمى هذا الشيطان ذاك الفصل من تلك الحرب رسميا: بـ (حرب يوم القيامة)..

حقائق حول هذه المرحلة من الحرب

وهذه الأقوال والمواقف من أنتن الخلق توجب على كل مسلم أن يستحضر حقيقة هذا الفصل من تلك الحرب، ليدرك خلفياتها الماضية ويراقب توقعاتها وتداعياتها الآتية، ومن تلك الحقائق:

  • أولا: أن هذه الحرب (العالمية) التي قصدها النتن؛ هي تلك التي أطلقها الأمريكيون في بداية الألفية الثالثة ضد الإسلاميين في العالم، والتي وصفوها أيضا عند بدئها بـ (الحرب الطويلة) وهي كذلك التي سمتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ، مادلين أولبرايت (حرب القرن القادم) قبل أن تبدأ بأعوام..
  • ثانيا: أن هذه (الحرب العالمية) منذ أطلقها الأمريكيون تأثرا بـ ( حمى سنة ٢٠٠٠) وإلى اليوم؛ أصروا فيها على تثبيت الترادف والتسوية بين الإسلام والإرهاب، بعد أن تقرر اتخاذ الإسلام عدوا للغرب عقب اندحار الشيوعية.

وهي لم تستهدف إلا أهل السنة، وعلى قدر استمساكهم بالسنة، وقد شملت جميع اتجاهات وتوجهات العاملين للإسلام، سواء أكانوا مجاهدين ميدانيين، أو سياسيين سلميين، أو علماء ودعاة ومفكرين، بل تربصوا حتى بالأنشطة الخيرية التي تدعم الأعمال الإغاثية، ضمن ما أسموه (سياسة تجفيف المنابع)، وكل ذلك كان ولا يزال بتعاون وثيق بين الكفار الظاهرين وأوليائهم من طغاة المنافقين..

  • ثالثا: أن هذه الحرب مثلت حملة صليبية معاصرة متكاملة الأركان، حيث حشدت لها أمريكا عند بدئها عام ٢٠٠١ تحالفا من ٨٠ دولة، وقد مرت بمحطات من التقتيل والتدمير والتهجير العابر للحدود، مستهدفة المناطق الحية والحرة من بلدان المسلمين، بدءا من كابل عام ٢٠٠١، وبغداد ٢٠٠٣ ، و مرورا بالموصل عام ٢٠١٦ حيث قتل فيها نحو ١١ ألف من المدنيين، وحرب حلب في سوريا عام ٢٠١٢ حيث استمرت أربعة أعوام وقتل فيها ما لا يقل عن ٣١ ألفا من البرءاء الآمنين، كما قتل وشرد عشرات الألوف في معارك الرقة والباغوز وغيرها. حتى جاءت حرب غزة التي لولا ما أصاب اليهود فيها، لما اهتم الإعلام العالمي بها..
  • رابعا: لابد ان نعترف بأن تلك الحرب العالمية لم تأخذ حظها في وقتها من التغطية الإعلامية المحايدة، ولم تحظ بدراسات علمية جادة من طرف المسلمين، رغم خطورتها وآثارها على الكثير من بلادهم خلال العقدين ونصف الماضيين.
  • خامسا: أن تلك الحرب التي أجمعوا على تسميتها بالحرب العالمية، والمستمرة حتى اليوم، كانت – ولا تزال – حربأ عالمية حقا ، وإن كانوا لا يعطونها رقما، وإلا فهي حرب كونية ثالثة، لكن عولمتها لم تكن إلا ضد طرف واحد، وبطرق وأساليب مختلفة ومتنوعه .

حقبة الثأر الإلهي القادمة

ولعل تلك الحرب وما قد يأتي بعدها هي المشار إليها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها ، قيل : يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ ؟ قال لا ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم ، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم ؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ) (1).

فلم يحصل في التاريخ أن تداعت أمم على المسلمين بهذه  الكثرة والقسوة، ومع هذا فإن الدلائل تتوافر على أن الفصل الحالي من تلك الحرب ممثلا في حرب غزة وما بعدها، سيكون هو الفاصل بين حقبة التنكيل القائمة ضد المستضعفين المظلومين؛ وبين حقبة الثأر الإلهي القادمة انتقاما من الظالمين واستجابة لدعوات المظلومين.. وقد يكون ذلك خلال (حرب عالمية رابعة)..تتوالى مقدماتها وتتالى ذرائعها..بين أكابر المجرمين..

وسيعلم الناس نبأه بعد حين، إذا قرأوا بعين اليقين قول رب العالمين:

{حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110].

الهوامش

(1) صحيح الجامع برقم : 8183 وصحيح أبي داود برقم: 4297 .

اقرأ أيضا

آيات ناطقات بسنة المدافعة والصراع بين الحق والباطل

حُماة الفضيلة .. وحِلف الرذيلة (1-3) طبيعة الصراع

سُنة الابتلاء للمؤمنين، وأن العاقبة للمتقين

تاريخ الأنبياء .. وسنن الصراع بين الحق والباطل

التعليقات غير متاحة