119 – مفهوم 3: تكليف الجن
– الجن مكلفون ومخاطبون بالشرع مثل الإنس، وقد خلقوا للغاية نفسها التي خلق من أجلها الإنس؛ قال تعالى: (وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ) [الذاريات:56] .
– وقد أرسلت إليهم الرسل كما أرسلت إلى الإنس؛ قال تعالى: (يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَا) [الأنعام:130]، وكلمة (مِّنكُمۡ) تحتمل أن رسل الجن من جنسهم، أو أن رسلهم هم فقط رسل الإنس أنفسهم؛ لأنها وردت بعد ذكر الجن والإنس جميعًا، ولا ينبني على الخلاف في هذا عمل فلا يُلتفت إليه على وجه العموم، إلا أننا نجزم بأنهم مكلفون برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: (قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ١ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا) [الجن:1-2] ، ولقوله عزّ وجلّ حكاية عن قول الجن: (قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ (٣٠) يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ (٣١) وَمَن لَّا يُجِبۡ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيۡسَ بِمُعۡجِزٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَيۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءُۚ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ) [الأحقاف:30-32]، وهذه الآيات تفيد أيضًا علمهم بشريعة نبي الله موسى عليه السلام، كما تؤكد تكليفهم بشريعتنا.
– والجن مثلهم مثل الإنس في موقفهم من التكليف والعبادة؛ فمنهم المؤمنون الطائعون، ومنهم الفاسقون، ومنهم الكافرون؛ كما حكى الله عنهم أنهم قالوا: (وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا (١٤) وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا) [الجن:14، 15] ، كما يشهد كفارهم على أنفسهم يوم القيامة بالكفر مثل الإنس؛ فقول الله تعالى: (وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰفِرِينَ) يشملهم لأن الآية أولها: (يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ) [الأنعام:130].
– والجن مثل الإنس؛ يدخلون النار أو الجنة بحسب إيمانهم وأعمالهم؛ فعن النار قال تعالى: (قَالَ ٱدۡخُلُواْ فِيٓ أُمَمٖ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِي ٱلنَّارِ) [الأعراف:38]، وأما الجنة فقد امتن الله على مؤمنيهم بدخولها مثل الإنس؛ قال تعالى مخاطبًا الإنس والجن جميعًا: (وَلِمَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن:46-47].
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445