براءة المؤمنين من تكريم آل فرعون

ذم الله تعالى فرعون وآله، وقبح أقواله وأفعاله وأحواله، وذلك في بضع وسبعين آية من كتابه العظيم ..

من هم “آل فرعون”؟ تحذير لكل منتسب

وآل الإنسان هم أقاربه وعشيرته وأولياؤه وخاصته وأتباعه وأنصاره ووكلاؤه، فكل من انتسب مفتخرا لأحد الفراعنة فيُخشى أن يؤول أمره إلى آل فرعون ..

لذلك فإن الاحتفال بهذا (الآل) وبمآثره المزعومة، و”حضارته” الملومة، وملوكه الذين ماتوا على ظلمهم وشركهم .. لا يجوز بحق أن يمر دون كلمة حق..

خطورة تمجيد الطغاة: لا يجوز أن يمر دون كلمة حق

لقد شدد القرآن وزاد النكير على من يكِّرٍم أصحاب السعير، ومن يستخفون بعقوبة المجرمين، مستهينين بعاقبة الظالمين – أي ظالمين – وذلك في قول الله تعالى: {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} [إبراهيم:٤٥] قال المفسرون : سكنهم عندهم يدل على سكونهم وعدم إنكارهم أو اعتبارهم بهلاك أكابرهم، الذين حذر الله في كتابه من عاقبة إجلالهم وتكريمهم، وذلك كما كانت تفعله قريش في رحلة الشتاء والصيف، حيث كان عرب الجاهلية يمرون على ديار ثمود في رحلتهم إلى الشام ويحطون الرحال هنالك، وكذلك يمرون على ديار عاد في رحلتهم إلى اليمن ، مع معرفتهم ما فعل الله بهم من العقاب الذي ضربت به الأمثال على ألسنة الرسل ؛ عليهم السلام .

سكنى مساكن المعذبين: دلالة السكون وعدم الإنكار

وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ..} : ” قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم المكذبة قبلكم ، ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبر ، ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجر (حكمة بالغة فما تغن النذر) [القمر:5].

تحذير النبي: ادخلوا باكين كي لا يصيبكم ما أصابهم

وقد قبـح خاتم الرسل _ صلى الله عليه وسلم _ عدم الاعتبار بمصير الكفار، فقال: (لا تَدْخُلُوا علَى هَؤُلَاءِ المُعَذَّبِينَ إلَّا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أصَابَهُمْ)1(1) [البخاري /٤٤٢٠، ومسلم/ ٢٩٨٠]. .

العبرة العملية: ما الذي أصاب آل فرعون؟

ولكن ما الذي أصاب آل فرعون وأمثالهم .. حتى نحذر أن يصيبنا ما أصابهم..

لنتأمل بعض حديث القرآن عن عقوبة فرعون وقومه وعاقبتهم في الدنيا قبل الآخرة..

__ ففي سورة [آل عمران: ١١] قال الله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّـهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

__ وفي سورة [الأعراف: ١٠٣] قال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيْهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.

__ وفي [الأعراف: ١٣٠] – قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُون}.

__ وفي [الأعراف/ ١٣٧] قال عزوجل: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}.

__ وفي [ الأنفال:١١] قال سبحانه: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

__ وفي [يونس: ٨٨ ] قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.

__ وفي [غافر:٤٦] – قال الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}..

فاللهم إنا نبرأ إليك من آل فرعون..ومآل آل فرعون، واجعلنا من المؤمنين الآمنين من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

الهوامش

(1) [البخاري /٤٤٢٠، ومسلم/ ٢٩٨٠].

المصدر

صفحة د.عبدالعزيز كامل، على منصة ميتا.

اقرأ أيضا

الإسلام والفرعونية العالمية

سنة الله في تدمير الظالمين

صور من تاريخ الطغيان

التعليقات غير متاحة