12 – مفهوم 12: الوسطية في العقيدة

1) عقيدة المسلمين وسط بين ما يعتقده اليهود وما يعتقده النصارى في أمور عديدة:

أ – فالمسلمون آمنوا بالرسل، وعزَّروهم، ووقروهم، وأحبوهم، من غير أن يعبدوهم أو يتخذوهم والصالحين أربابًا من دون الله كما فعلت النصارى، ولا أن يجفوهم كما جفى اليهود وكذبوا الأنبياء وقتلوهم وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس.

ب – والمسلمون يتوسطون في الحلال والحرام فيُحلُّون ما أحلًّه الله ويحرِّمون ما حرَّمه، أما اليهود فقد حرَّموا على الله النسخ في التكليف، وبظلم منهم حُرِّمت عليهم الطيبات كما قال تعالى: (فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا) [النساء:160]، أما النصارى فقد أحل لهم عيسى عليه السلام بوحي من الله بعض الذي حُرِّم على بني إسرائيل فتمادوا واستحلُّوا كثيرًا من المحرَّمات طاعة لأحبارهم ورهبانهم؛ كما قال تعالى فيهم: (وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ) [التوبة:29].

ج – وفي أسماء الله تعالى وصفاته وصف المسلمون ربهم بما وصف به نفسه وما    وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يُشَبِّهوا الله بخلقه ولا عطَّلوا عنه صفاته سبحانه، بينما شبَّه اليهود -عليهم من الله ما يستحقون- الله بخلقه ووصفوه سبحانه بالفقر وغُلَّة اليد، والتعب واللغوب -تعالى الله عما يقولون عُلوًّا كبيرًا- وشبَّه النصارى المخلوق بالخالق؛ فألَّهوا عيسى عليه السلام ونسبوا له الخلق والرزق والمغفرة.

2) وكما أن عقيدة المسلمين وسط بين ما يعتقده اليهود وما يعتقده النصارى فإن أهل السنة والجماعة من المسلمين وسط في أبواب الاعتقاد بين الفرق الضالة في الإسلام:

أ – فأهل السنة والجماعة وسط في أسماء الله وصفاته بين المعطلة نفاة الصفات والمشبهة الذين يُشبِّهون الله سبحانه بخلقه؛ فهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا تكييف، ولا تأويل، ولا تحريف.

ب – وأهل السنة في باب القدر والمشيئة وسط بين (القدرية) نفاة القدر الذين يقولون: إن الله لا يعلم الأمور قبل وقوعها، أو لا يُقدِّر الشر، أو ينفون إرادة الله وخلقه لأفعال عباده، و(الجبرية) الذين ينفون عن العبد الاختيار والمشيئة؛ أهل السنة وسط بين هذين الطرفين؛ فهم يؤمنون بقدر الله ومشيئته التامين، وأنه سبحانه يعلم الأمور قبل وقوعها، ويقدِّر الخير والشر جميعًا -لكن لا ينسبون إلى الله وصف الشر سبحانه؛ لأنه يقدِّره وفق حكمته وعلمه التامين-ويؤمنون أنه لا يقع في ملكه سبحانه إلا ما يشاء، كما يُثبت أهل السنة للعبد قدرةً ومشيئةً واختيارًا يحاسب عليها، ولكنها جميعًا تحت قدرة الله ومشيئته واختياره المتعلق بحكمته وعلمه سبحانه.

ج – ونظرة أهل السنة والجماعة للفساق أهل الكبائر من المسلمين وسط بين الوعيدية (الخوارج والمعتزلة)، والمرجئة؛ فهم عند أهل السنة فساق بكبيرتهم -ما لم يتوبوا- ولكن معهم أصل الإيمان وبعضه -كلٌّ بحسبه- وليسوا كاملي الإيمان، وهم تحت مشيئة الله: إن شاء عذَّبهم وإن شاء غفر لهم، وإن دخلوا النار فليسوا بخالدين فيها ومآلهم إلى الجنة، وإن تابوا في الدنيا توبة نصوحًا تاب الله عليهم وبدَّل سيئاتهم حسنات، وصاروا مثل المؤمنين الصالحين.

بينما يكفِّر الخوارج أصحاب الكبائر، ويجعلهم المعتزلة في منزلة بين المنزلتين -أي بين الكفر والإيمان- ويشتركان في تخليدهم في النار؛ لكنهم عند المعتزلة في دركة في النار أخف من دركة الكفار.

أما المرجئة فيقولون: إن إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء، ولا يضر مع الإيمان ذنب ولا معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق فقط.

د – وأهل السنة وسط في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يترضُّون عليهم جميعًا، ويثبتون لهم الفضل والسابقة على ما أثبته لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ما رتَّبهم في الأفضلية، ولا يُغالون في أحد منهم. أما الشيعة الروافض فقد قدَّموا عليًّا رضي الله عنه على جميع الصحابة، ولم يثبتوا الفضل إلا لخمسة من الصحابة فقط، وكفَّروا سائرهم، وغالى بعض الروافض في عليٍّ رضي الله عنه فرفعوه فوق مرتبة الأنبياء، ومنهم من ألَّهه. وأما الخوارج فكفَّروا عليًّا وعثمان رضي الله عنهما، واستحلوا دماءهما، ولم يروا لسائر الصحابة فضلًا على من سواهم.

وبالجملة،فأهل السنة والجماعة وسط في سائر أبواب الاعتقاد بين الفرق الضالة جميعًا.

المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم

انظر أيضا

مفاهيم حول مقدمات في العقيدة
موضوعات كتاب: خلاصة مفاهيم أهل السنة

التعليقات غير متاحة