43 – مفهوم 6: الشرك في الربوبية
أقر أكثر المشركين بربوبية الله عزّ وجلّ ولم ينكروها؛ كما قال تعالى: (وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ) [العنكبوت:61]، ومع إقرارهم بتوحيد الربوبية وأن الله هو الخالق المدبر وقعوا في الشرك في الألوهية وعبدوا غير الله.
ولكن بعض المشركين وقعوا في الشرك في الربوبية مع شركهم في الألوهية؛ فمنهم:
– النصارى؛ وذلك لاعتقادهم أن عيسى عليه السلام يغفر الذنوب ويخلص الناس منها، ويدبر الأمر مع الله في الرزق وسائر أمور العباد.
– المجوس الذين أسندوا حوادث الخير إلى النور، وأسندوا حوادث الشر إلى الظُلْمة.
– عبَّاد الكواكب والأجرام العلوية الذين يعتقدون تدبيرها لأمور العالم؛ كالصابئة.
– طائفة من غلاة الصوفية يزعمون أن الأولياء، أو أرواحهم بعد مماتهم، يتصرفون في تدبير أمور العالم وقضاء حوائج الناس، ولهم في ذلك تُرَّهات وادعاءات باطلة مريبة، ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان؛ فالعالم عندهم يُدبِّره الغوث أو القطب الأعظم -وهو ولي من أولياء الله بزعمهم- يليه وزيران، ثم الأوتاد؛ وهم أربعة يمسكون العالم من جوانبه الأربعة، ثم الأبدال؛ وهم سبعة؛ في كل قارة من قارات الأرض السبعة واحد منهم… إلى آخر ما يزعمونه من هذه الترهات والسخافات التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ يدَّعون بها تحكم هؤلاء في العالم وتدبير أمره، وهذا لا شك من أكبر الشرك، وهو شرك في الربوبية لم يأت به حتى المشركون الأوائل من أهل الجاهلية، وهو يوجب لهم عدم الغفران والخلود في النيران.
– ومن الشرك في الربوبية: الحكم بغير ما أنزل الله؛ لأن الحكم من خصائص الرب عزّ وجلّ؛ قال تعالى: (وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا) [الكهف:26].
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم