218 – مفهوم 6: الخطأ المانع للتكفير

الخطأ ضد الصواب؛ والمقصود أن يقع المرء في مكفِّرٍ خطأً غير قاصد لما يقول أو يفعل؛ كفَلْتَةِ لسان خرجت خطأً في حال ذهول من شدة فرحٍ أو حزنٍ، ومن أوضح الأمثلة على ذلك: ما جاء في حديث فرح الله عزّ وجلّ بتوبة عبده، وتمثيل ذلك بفرحة من وجد دابته بعد أن ضاعت منه في الصحراء فأخطأ من شدة فرحه وقال: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك» وهو يريد عكس ذلك، وتكثر مثل هذه الأخطاء خاصة بين الأعاجم الذين لا يعرفون معاني الكلمات العربية بدقة، ومثال الخطأ في الأفعال: من أهان المصحف ظانًا أنه كتاب آخر -ككتاب جغرافيا مثلا أو قاموس أعجمي- فإن هذا يعذر بخطئه لعدم علمه أنه قرآن، بينما من أهان المصحف وهو عالم أنه مصحف ولكنه قال: لم أكن أعلم أن إهانته كفر فهذا لا يعذر؛ لأنه أهانه عامدًا فلا يفيده جهل حكم ذلك.

وأصح وأصرح دليل على عدم المؤاخذة على الخطأ أنه لمّا امتثل المسلمون لقول الله تعالى: (وَإِن تُبۡدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَيَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ) [البقرة:284]، وقالوا:  (سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ) [البقرة:285]، نسخ الله عزّ وجلّ هذا الحكم بقوله: (لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآ) [البقرة:286]، وعن النبي صلى الله عليه وسلم  أن الله تعالى بعد قوله: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَا) (قال نعم) [رواه مسلم (125) في حديث طويل].

المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445

انظر أيضا

مفاهيم حول الكفر والنفاق

موضوعات كتاب: خلاصة مفاهيم أهل السنة

التعليقات غير متاحة