تمهل الكثيرون – وأنا مثلهم – في الكتابة بالتفصيل عن المحاذير التي تواجه الثورة السورية ، تجنبا للتعكير على أجواء الفرح المستحق بانتصار الحق، وهي محاذير – كما سبقت الإشارة – تشمل المستويات العالمية والإقليمية والمحلية والشخصية.
● ولأن المحاذير الراهنة تتعلق بواقع استضعاف عام لأهل الإسلام، وترتبط بصراع قديم بين المشاريع في قلب ديار المسلمين؛ فقد وجب التأني في مراقبة مسار كل مشروع من مشروعات الأمم المتداعية علينا كتداعي الأكلة إلى قصعتها، وهي مشروعات قد تجددت لها فصول أو ذهبت منها فرص، ولهذا صارت سوريا وما حولها ميدانا لصراع تلك المشاريع، وغدت ثورتها مفتاحا لمبشرات، ومؤشرا لمحاذير في كل الجوانب المتعلقة بالتغيير..
واختصارا أقول:
من أبرز المحاذير على المستوى الدولي
•• أن النظام العالمي المحكوم بسياسات الخصوم؛ لن يقبل لدولة ترفع شعارا للإسلام ظاهرا.. إلا في حالة التخلي عن جوهره باطنا، لهذا فإن قضية تثبيت الهوية والتخلص من التبعية ستظل محورا لمراودة الثورة عن نفسها، عسى أن تغير جلدها .
•• و من المحاذير أن المشروع الغربي العتيد بقيادة الأمريكيين؛ والمشغول حتى النخاع بالصراع مع التكتل الشرقي الجديد بزعامة الصين، سيقدم لا محالة على محاولات توظيف الثورة واتخاذها نموذجا لكيفية احتواء الكيانات الإسلامية بغرض ضمها للمحور الغربي في الصراع القائم والقادم بين الشرق والغرب (على غرار ما صار أيام احتلال الروس لأفغانستان في أواخر السبعينات) خاصة بعد عودة الحرب الباردة التي تزداد احتمالات تحولها ساخنة.
•• أما الروس الذين هددت الثورة استمرار مشروعهم في سوريا؛ فلا ينتظر أن يفرطوا بسهولة في منفذهم الوحيد على المياه الدافئة بالساحل السوري، فوجود قواعدهم العسكرية هناك لا يمكن التفريط فيه، ولولا تورطهم في حرب أوكرانيا لما ترددوا في ضرب الثورة الحالية كما فعلوا في الثورة الماضية، خاصة وأن سوريا مليئة بأعوانهم من أصناف فرق الباطنيين والعلمانيين الإلحاديين ..
•• وحتى الصين الشيوعية؛ التي لم تكد تنتهي من تشكيل محور شرقي مناوئ للتحالف الغربي، يضم معها (روسيا- إيران – كوريا الشمالية) ؛ حتى صار ذاك الحلف مهددا بالانكسار والانحسار بسبب أزمات الشرق الأوسط الطارئة في فلسطين وسوريا، ولذا فالمتوقع أن تسخن الصين الأجواء العالمية، حتى تخلط الأوراق الدولية، خاصة بعد تكرار تهديد (بوتين) باشتعالها حربا عالمية.
● ولا نملك وسط هذه الأجواء العالمية الملبدة بالغيوم، إلا أن نستغيث ونستجير بالحي القيوم، فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين، وهو المسؤول – جل وعلا – كما نصر المجاهد.ين فيما مضى؛ أن يجبرهم فيما بقى، فهو القائل سبحانه:
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].
وللحديث بقية بإذن الله…
اقرأ أيضا
الثورة السورية..تباشير ومحاذير..(١)