141 – مفهوم 15: التدرج في التحدي بإعجاز القرآن الكريم
عرَّف علماء إعجاز القرآن الكريم المعجزة بأنها: «أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة، يظهره الله على يد رسله»، وكل هذه الأوصاف تنطبق على القرآن الكريم، وآياته تؤكد ذلك، ويشهد له التاريخ والواقع.
ووقع التحدي بالإتيان بمثل هذا القرآن الكريم، وبعشر سور مثله، وبسورة واحدة مثله:
– فعن التحدي بالإتيان بمثل القرآن كاملًا قال الله تعالى: (أَمۡ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا يُؤۡمِنُونَ (٣٣) فَلۡيَأۡتُواْ بِحَدِيثٖ مِّثۡلِهِۦٓ إِن كَانُواْ صَٰدِقِينَ) [الطور:34،33]، وقال تعالى: (قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا) [الإسراء:88] وفي هذه الآية ليس التحدي للإنس فقط، بل حتى لو اجتمع معهم الجن فلن يقدروا على مضاهاته.
– ثم تحدَّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله: (أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ (١٣) فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ) [هود:14،13]، وآخر الآية يبين الغرض من هذا التحدي؛ وهو: التسليم بأصل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم: شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسوله.
– ثم تحدَّاهم أن يأتوا بسورة واحدة؛ قال تعالى: (أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ (٣٨) بَلۡ كَذَّبُواْ بِمَا لَمۡ يُحِيطُواْ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُۥ) [يونس:39،38]، وقال تعالى: (وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ (٢٣) فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ) [البقرة:24،23]، وهذا آخر ما استقر عليه أمر التحدي؛ فجميع الآيات السابقة مكية بخلاف آيتي سورة البقرة فهما مدنيتان، وفي آخرهما أيضًا بيان الغرض من هذا التحدي: الحث على تقوى الله والتحذير من تكذيب القرآن لأنه يتسبب في كفر المكذب واستحقاقه للعذاب بدخول النار المعدة للكافرين.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445