199 – مفهوم 12: الإيمان بالقدر والأخذ بالأسباب

من سنن الله عزّ وجلّ في كونه: ربط المسببات بأسبابها؛ فما يجري من المقادير في الأرض هو في الأصل وعلى وجه العموم مرتبط بالأسباب الموجبة له، ولهذا أرشدنا الله إلى الأخذ بالأسباب في أمور دنيانا وأمور آخرتنا؛ كما قال الله تعالى لمريم -عليها السلام- حين جاءها المخاض: (وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا) [مريم:25] وقد كان سبحانه قادرًا أن ينزل عليها الرطب من غير فعل منها، وأمرنا بأخذ الحذر من العدو فقال: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا) [النساء:71] وهو قادر على أن يكفينا إياه من غير فعل منا، فهذا في أمر دنيانا، وكذلك الشأن في أمور ديننا؛ فقد قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ) [محمد:17]، وقال تعالى أيضًا (فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ) [الصف:5]. فقضى الله عزّ وجلّ أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، كما أن من عقوبة المعصية المعصية بعدها. ولهذا فالأخذ بالأسباب -سواء في جلب المرغوب أو دفع المحذور- لا ينافي الإيمان بالقدر، بل هو أيضًا من القدر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين امتنع عن دخول الشام لما علم بانتشار الطاعون فيها، وقيل له: أفرارًا من قدر الله؟! قال: «نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله» [رواه البخاري (5729)، ومسلم (2279)].

المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445

انظر أيضا

مفاهيم حول الإيمان بالقدر

موضوعات كتاب: خلاصة مفاهيم أهل السنة

التعليقات غير متاحة