143 – مفهوم 17: الإعجاز البياني
يشمل الإعجاز البياني فصاحة ألفاظ القرآن الكريم، وبلاغة أساليبه، وإحكام نظمه واتساقه. وهذا الإعجاز هو أدل نوع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على صدق دعوته؛ وذلك لأمرين:
1 – أن التحدي واقع بسورة واحدة من القرآن الكريم، وهذا ينطبق على أقصر سورة فيه، والسورة القصيرة قد لا تحتوي على تشريع، أو إخبار بغيب، أو حقيقة علمية، حتى يكون فيها إعجاز تشريعي أو غيبي أو علمي، لكنها لا تخلو أبدًا من الإعجاز البياني.
2 – أن المعجزة غالبًا ما تأتي من جنس ما يُعرف به القوم ويشتهر عنهم؛ فموسى عليه السلام أُرسل إلى قوم اشتهروا بالسحر فكانت عصاه مبطلة لذلك السحر، وعيسى عليه السلام اشتهر الناس في زمانه بالطب فجاءت معجزاته متوافقة مع ذلك وأبلغ منه؛ حيث كان يشفي المرضى ويحيي الموتى بإذن الله. والعرب يشتهرون بفصاحة ألفاظهم وبلاغة أساليبهم في الخطاب، فجاء القرآن الكريم مشتملًا على أعلى درجات هذه الفصاحة والبلاغة زيادة في التحدي.
غير أن هذا الإعجاز البياني لا يدركه إلا العرب البلغاء ومن يتقنون اللغة العربية وفنونها، وهذا غير متحقق في الأعاجم ولا العرب المعاصرين؛ لما غلب على ألسنتهم من العجمة والبعد عن الفصاحة والبلاغة؛ فمثل هؤلاء يعجزهم سائر أنواع الإعجاز، أما الإعجاز البياني فسيكون في حقهم من باب تسليمهم أن العرب الفصحاء البلغاء قد عجزوا عن معارضة القرآن والإتيان بمثله، فهم من باب أولى أعجز، ومن يدرس اللغة جيدًا ويتقنها-سواء كان من العرب أو الأعاجم- فسيقف على ماهية هذا النوع من الإعجاز ويدركه ويسلم به كما سلم به العرب الأوائل.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445