146- مفهوم 20: الإعجاز الإخباري
المقصود بالإعجاز الإخباري: إعجاز القرآن الكريم في إخباره عن الأمور الغيبية؛ سواء كان ذلك الغيب من الماضي، أو من غيب المستقبل: إما في الدنيا أو عن المعاد والقيامة.
– فمن أمثلة الغيب المستقبل: إخبار القرآن أن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنين من غلبة الفرس عليهم؛ قال تعالى: (غُلِبَتِ ٱلرُّومُ (٢) فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ (٣) فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ) [الروم:2-4]، وقد وقع الأمر كما أخبر به القرآن وانتصر الروم في بضع سنين.
– ومن أمثلة الغيب الماضي الذي ظهر مستقبلًا: ما أخبر به القرآن من إنجاء جثة فرعون من الضياع بعد غرقه؛ قال تعالى: (فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ) [يونس:92]، وقد اكتشفت مومياء فرعون موسى عام 1898م على يد عالم الآثار الغربي «لوريت» [راجع: القصص القرآني لصلاح الخالدي (2/111)]، وأثبت أنها جثته بما وجده على المومياء من آثار الملح الناجم عن مياه البحر، وهي محفوظة الآن في متحف القاهرة يشاهدها الزوار.
– ومن أمثلة الغيب الماضي أيضًا: أن القرآن الكريم سمَّى ملك مصر في عهد يوسف عليه السلام «الملك»؛ قال تعالى: (وَقَال ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ) [يوسف:43]، ولم يقل عنه: «فرعون»؛ وذلك لأن من كان يحكم مصر زمن يوسفعليه السلام هم الهكسوس، وهم من العرب من جنوب الشام، والعرب يسمون الحاكم «ملكًا»، فلما طردهم «أحمس» بعد ذلك وأعاد الحكم للمصريين سُمِّي حاكم مصر بعدها «فرعون»، وهو لقب الحاكم في لغة المصريين القدماء «الهيروغليفية».
وكذلك سمَّى القرآن وزير فرعون المختص بالتشييد والعمران «هامان»؛ قال تعالى: (وَقَال فِرۡعَوۡنُ يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَٰبَ) [غافر:36]، وقد حُلَّت شفرة اللغة الهيروغليفية عام 1799م ، ثم وُجِد مكتوبًا في الكتابات الهيروغليفية القديمة المكتشفة في الآثار المصرية اسم «هامان»، وذكر طبيعة عمله أنه كان رئيس عمال الحجارة.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445