103 – مفهوم 43: اسم الله «اللطيف» ومعناه
اللطف في اللغة: الرفق، والصغر، والدقة، وإيصال الخير والمصلحة بتخف واحتيال كما قال تعالى: (فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٖ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا) [الكهف:19] أي: فليتخفَّ ولا يُعلمن بكم أحدًا. وقد ورد اسم الله (اللطيف) في القرآن الكريم سبع مرات، ومعناه فيها كلها يدور حول جُلِّ هذه المعاني اللغوية:
– فالله (اللطيف) رفيق بعباده كما قال تعالى: (ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ) [الشورى:19].
- والله (اللطيف) قد لطُفَ علمه ودق حتى إنه يدرك دقائق الأمور وما تخفيه الصدور؛ قال تعالى: (أَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ١٣ أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ) [الملك:14،13]، وقال تعالى: (يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ) [لقمان:16].
- والله (اللطيف) يسوق إلى عباده مصالحهم بلطف ورفق وسبل خافية عليهم أو غير معتادة، لا يشعرون بها ولا يسعون فيها؛ حتى أنه قد يُقَدِّر عليهم ما يُكره في العادة ويُتألم منه وحقيقته أنه سبيل لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم؛ وذلك كما حدث لنبي الله يوسف عليه السلاممن إلقائه في البئر، وإبعاده عن أبويه، ودخوله للسجن؛ ليتحقق له آخر المطاف العز والسؤدد، ويصبح عزيز مصر؛ ولهذا قال يوسف عليه السلام في آخر قصته: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ) [يوسف:100]. كما يُستعمل اللطف بهذا المعنى في تفادي خطر محدق متمكن والنفاذ منه بأمر خفي دقيق من رحمة الله عزّ وجلّ.
– والله (اللطيف) لا يبدو بذاته لخلقه لعدم قدرتهم على رؤيته في الحياة الدنيا؛ كما قال تعالى لموسى عليه السلام حين طلب رؤيته عزّ وجلّ: (لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗا) [الأعراف:143]، ولا يمكن للبشر أن يدركوا الله بأبصارهم كما قال تعالى: (لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ) [الأنعام:103].
والخلاصة أن الله (اللطيف) متوار عن عباده، وقد اجتمع له الرفق في الفعل، والعلم بدقائق الأمور ومصالح العباد، ويوصلها إلى من يريد منهم بالسبل الخفية غير المعتادة.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445