88 – مفهوم 28: اسم الله «القوي» وما يفيده
القوة في اللغة هي القدرة على الفعل، وهي ضد الضعف.
والقوة في حق الله تعالى هي: كمال القدرة والاستغناء؛ فالله لا يغلبه غالب، ولا يرد قضاءه رادٌّ، وهو (القوي) الذي لا تنتهي قوته، وتتصاغر كل قوة أمام قوته، ولا يلحق قوته ضعف أو قصور؛ ولهذا جاء قول الله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ) [الذاريات:58]؛ حيث القوة تدل على القدرة التامة، والمتانة تدل على شدة هذه القوة والقدرة؛ أي إن الله عزّ وجلّ من حيث إنه بالغ القدرة وتامها: قوي، ومن حيث إنه شديد القوة: متين.
وقد ورد اسم الله (القوي) في غير ما آية من كتاب الله؛ منها قوله تعالى: (ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ) [الشورى:19]، وقوله عزّ وجلّ: (إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ) [الأنفال:52]، فقوة الله هي وحدها القوة، ومنها تستمد القوة الحقيقية، وما عدا ذلك فهو واهن ضئيل هزيل مهما علا واستطال، ومهما طغى وتجبر، ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل؛ قال تعالى: (وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ) [البقرة:165].
وآثار الإيمان بهذا الاسم هي نفسها آثار الإيمان بأسمائه: الكبير، العلي، الأعلى، القهار، والعزيز. أمَّا مظاهر قوة الله تعالى في الدنيا والآخرة فلا تعد ولا تحصى، ومنها:
1 – نصرته عزّ وجلّ لأنبيائه وأتباعهم رغم بطش أعدائهم بهم؛ قال تعالى: (فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا صَٰلِحٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡيِ يَوۡمِئِذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ) [هود:66].
2 – رزق العباد دون مقابل أو طلب معونة؛ قال تعالى: (ٱللَّهُ لَطِيفُۢ بِعِبَادِهِۦ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ) [الشورى:19].
3 – حفظ النعم واستمرارها لمن أطاع الله: (وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ) [الكهف:39].
4 – كثرة جنود الله وتنوعها؛ كالملائكة، والريح، والزلازل، والبراكين،…إلخ؛ قال تعالى: (فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ ١٥ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ) [فصلت:16،15].
5 – شدة عذابه للطغاة والظالمين في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: (وَلَوۡ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِذۡ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعَذَابِ) [البقرة:165].
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445