48 – مفهوم 3: اسم «الله» الأعظم
ورد في الحديث أن اسم الله الأعظم إذا دُعيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى [رواه أبو داود (1493)، والترمذي (3475)]، وفي تعيينه عدة أقوال، لعل أرجحها قولان:
أ – أن هذا الاسم الأعظم هو: «الله»؛ فهو أكبر الأسماء وأجمعها، ولم يتسمَّ به غيره عزّ وجلّ، ولذلك لم يُثن ولم يجمع، وهو أحد تأويلي قوله تعالى: (هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا) [مريم:65]؛ أي هل تعلم من تسمَّى باسم «الله»؛ فهو اسم للإله الحق الجامع لصفات الألوهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المتفرد الحقيقي، لا إله إلا هو [ينظر تفسير القرطبي (1/102)]. ويرجح هذا القول عدة أمور؛ منها:
1 – أنه ورد في الحديث الذي أشار إلى الاسم الأعظم الذي يستجاب لمن دعا به؛ فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة يقول: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد» فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب) [رواه أبو داود (1493)، والترمذي (3475)].
2 – كثرة وروده في القرآن الكريم؛ فقد ورد (2724) مرة.
3 – نسبة سائر الأسماء الحسنى إليه دون العكس؛ فهي تجري مع اسم «الله» مجرى الصفات؛ فنقول من صفات الله: العليم، الحكيم، العزيز، …إلخ، ولا نقول: من صفات العليم: الله.
4 – أن الله تعالى تعرَّف إلى موسى عليه السلام بهذا الاسم؛ قال تعالى: (وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا يُوحَىٰٓ ١٣إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ) [طه:13-14]، وكذا عرَّف نفسه سبحانه إلى عباده في أعظم آية في كتابه -وهي آية الكرسي- مبتدئًا بهذا الاسم، فقال تعالى: (ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ) [البقرة:255].
5 – كثيرًا ما يُدعى الله بلفظ: «اللهم»؛ ومعناه: يا الله؛ ولهذا لا تستعمل كلمة «اللهم» إلا في الدعاء؛ فلا يقال: اللهم غفور رحيم، بل يقال: اللهم اغفر لي وارحمني؛ فهو الاسم الذي يُدعى به كثيرًا، ويُسأل به كثيرًا، فحريٌّ أن ينطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب).
ب – القول الثاني: أن أسماء الله كلها حسنى، وكل واحد منها عظيم، ولكن الاسم الأعظم منها: كل اسم مفرد أو مقرون مع غيره إذا دلَّ على جميع صفات الله الذاتية والفعلية، أو دلَّ على معاني جميع الصفات الإلهية مثل:
– «الله»؛ لأنه جامع لمعاني الألوهية كلها.
– و«الحميد المجيد»؛ فإن «الحميد» يدل على جميع المحامد والكمالات لله تعالى، و«المجيد» يدل على أوصاف العظمة والجلال. وقريب من ذلك أيضًا الأسماء: «الجليل الجميل الغني الكريم»، و«الغني الحميد».
– و«الحي القيوم»؛ فإن الحي يدل على من له الحياة الكاملة العظيمة الجامعة لصفات الذات، و«القيوم» يدل على قيامه بنفسه واستغنائه عن جميع خلقه، وقيام جميع الموجودات به سبحانه، فتدخل فيه جميع صفات الأفعال.
– ومثل قول: «ياذا الجلال والإكرام»؛ فإن «الجلال» يدل على صفات العظمة والكبرياء والكمالات المتنوعة، و«الإكرام» يدل على استحقاقه سبحانه غاية الحب من عباده، وغاية ذلهم له.
فخلاصة هذا القول: أن الاسم الأعظم هو كل اسم جنس يدل على جميع صفات الله تعالى الذاتية والفعلية.
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم