96 – مفهوم 36: اسما الله «الوكيل» و«الكفيل» وآثار الإيمان بهما
الوكيل والكفيل معناهما في اللغة متقارب؛ فالتوكيل: أن تعتمد على غيرك وتجعله نائبًا عنك؛ تقول: وكَّلت أمري إلى فلان أي: ألجأت أمري إليه واعتمدت فيه عليه.
والكفيل والكافل بمعنى الضمين والضامن، والكافل: العائل؛ فهو الذي يكفل إنسانًا فيعوله وينفق عليه، وفي التنزيل: (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران:37].
وقد ورد اسم الله (الوكيل) في القرآن أربع عشرة مرة؛ من ذلك: قول الله تعالى: (ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ) [الزمر:62]، وقوله تعالى: (وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا) [الأحزاب:3]، وقوله تعالى: (فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ) [آل عمران:173].
أما اسم الله (الكفيل) فقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة؛ قال تعالى: (وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا وَقَدۡ جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡكُمۡ كَفِيلًا) [النحل:91]، قال ابن جرير في تفسيره للآية: «وقد جعلتم الله بالوفاء بما تعاقدتم عليه على أنفسكم راعيًا؛ يرعى الموفي منكم بعهد الله الذي عاهد على الوفاء به والناقض … وقال مجاهد في معنىﵟكَفِيلًاﵞ: أي: وكيلًا».
ووكالة الله وكفالته لخلقه نوعان: عامة وخاصة:
– فوكالته العامة هي على جميع خلقه: بتدبير أمرهم، والتكفل بأرزاقهم وحاجاتهم؛ وذلك كما في قوله تعالى: (ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ فَٱعۡبُدُوهُۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ) [الأنعام:102]، فإخباره بأنه (عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ) يدل على إحاطة علمه بجميع الأشياء، وعلى كمال قدرته على تدبيرها، وكمال تدبيره، وكمال حكمته التي يضع بها الأشياء مواضعها.
– ووكالة الله وكفالته الخاصة هي لأوليائه المتقين؛ فهو الذي يتولى أولياءه فييسرهم لليسرى ويجنبهم العسرى، ويكفيهم أمورهم وهمومهم؛ وذلك كما في قول الله تعالى: (فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ) [آل عمران:173]؛ ففي هذه الوكالة معنى زائد على المعنى العام؛ وهو معيته الخاصة لأوليائه وإعانته ونصرته لهم.
ومن أهم آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
1 – محبة الله واللجوء إليه، والتوكل عليه عزّ وجلّ لنيل وكالته بنوعيها: العامة، والخاصة.
2 – زوال القلق والهلع على الرزق، وتبدل ذلك إلى السكينة والطمأنينة؛ لليقين بتكفل الله بالرزق للبشر جميعًا، وأن ما عليهم سوى الأخذ بالأسباب المشروعة لطلب الرزق وتجنب الأسباب المحرمة، وترك أمر الرزق بعد ذلك على الله الوكيل الكفيل.
3 – الثقة بوكالة الله عزّ وجلّ وكفايته الخاصة لعباده المؤمنين؛ إيمانًا بقوله تعالى: (أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ) [الزمر:36]، فالخلق كلهم -الإنس والجن وسائر المخلوقات- دون الله الوكيل الكفيل، الذي تنفذ إرادته، ويسري في عباده قضاؤه. وهي ثقة تستتبع السكينة والطمأنينة في قلوب المؤمنين بربهم الوكيل الكفيل.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445