78 – مفهوم 18: اسما الله «الظاهر» و«الباطن» وآثار الإيمان بهما
الله سبحانه هو الظاهر والباطن كما قال عزّ وجلّ: (هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ) [الحديد:3]، ومعنى ذلك كما فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء) [رواه مسلم (2713)]؛ فالله سبحانه ظاهر على كل شيء وعالٍ عليه، فلا شيء يعلو عليه سبحانه، وهذا يدل على عظمة صفاته عزّ وجلّ واضمحلال كل شيء أمام هذه العظمة. وهو مع هذا: الباطن الأقرب لكل شيء؛ فليس شيء أقرب إلى أحد منه سبحانه؛ كما قال عزّ وجلّ: (وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ)ﱠ [ق:16]؛ فهو قريب من جميع خلقه بعلمه وإحاطته، فيعلم بواطن الأشياء ودواخلها وخفاياها، ويطلع على السرائر والضمائر والخبايا ودقائق الأمور [ينظر تفصيل معنى قرب الله من عباده في المفهوم (84)]. والإيمان بهذين الاسمين الكريمين على هذا النحو يحقق:
1 – تعظيم الله المعبود وجمع القلب عليه؛ فيصير الله له موئلًا يلجأ إليه في كل حين؛ وذلك أثر للاسمين؛ حيث: الاسم (الظاهر) يفيد العظمة والعلو والقدرة على كل شيء، والاسم (الباطن) يفيد قرب الله عزّ وجلّ من العبد بلطفه ورحمته وحسن تدبيره.
2 – إدراك إحاطة الرب بالعالم كله، وأن جميع العوالم في قبضته سبحانه؛ وذلك أثر اسمه (الباطن)، وحين تظهر للمرء هذه الإحاطة وهذا الاطلاع على السرائر والخبايا يُطهِّر المرء عندها سريرته لعلمه أنها عند الله علانية، ويصلح غيبه لإدراكه أنه عنده شهادة، فيزكو بذلك باطنه ويسلم قلبه.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445