اسرائيل الكبرى والمفاجأة الكبرى

لم تصدمني أو تفاجئني تصريحات أبي لهب اليهودي في مقابلة له مع قناة “i24” العبرية مؤخرًا ، عندما قال: ” أنا في مهمة تاريخية وروحية، مرتبطة برؤية إسرائيل الكبرى”..!
فزعيم الأنتان الذي عبر عن قناعته دون لفٍ أو دوران.. لم يأت بجديد عما يعرفه أي مهتم له أدنى إلمام بأهداف اليهود المعلنة؛ وفي مقدمتها السعي لاستكمال الهيمنة.. على أراضي ما أسموه (إسرائيل الكبرى) منذ قام كيان العدوان..

إسرائيل الكبرى: بين الصراع التاريخي وصمت العرب المفجع!

●.. ولكن الصادم والمفاجيء حقًا.. أن نرى زعماء العرب وسياسييهم وإعلامييهم يتعاملون مع تصريحات ” النتن ” عن (إسرائيل الكبرى).. وكأن قضيتها لم تكن هي موضوع الصراع منذ بدأ، حيث رفض اليهود أن تُرَّسَم لدولتهم حدود حتى تستكمل مكوناتها التوراتية، وبحسب عقائدهم التلمودية..

الحلم التلمودي الذي لا يزال العرب يرفضون رؤيته!

●.. وكأن ساسة اليوم أيضا لم يعلموا.. أن توسع شياطين صهيون في استيطان أوطان الآخرين.. لم يكن هو المقصود في كل حروب اليهود التي احتلوا من خلالها معظم أرض فلسطين، وأجزاء من أرض سوريا والأردن ولبنان ، ومن قبل احتلوا شبه جزيرة سيناء كاملة، ثم ردوها منزوعة السلاح بثمن باهظ ومؤقت، وهو أن تكون حرب أكتوبر (آخر حرب) يخوضها جيش مصر ضدهم ، ولو اجتاح اليهود كل بلاد العرب حولهم..

علم الاحتلال في سمائنا.. ونخبنا تتجاهل ‘الخطين الأزرقين’ اللذين يبتلعان الأرض!

●.. وكأن سياسيينا لم يعرفوا من قبل أن علم دولة اليهود الذي يرفرف على معظم عواصمهم العربية و ” الإسلامية”.. يرمز بخطيه الأزرقين إلى حدود الدولة اليهودية المستقبلية (من النيل إلى الفرات) شرق وغربا، ومن جنوب تركيا حتى حدود المدينة المنورة.. شمالا وجنوبا ..!

بين ‘الياغورا’ ونجمة داوود..  اليهود يذكّرون أنفسهم بـ’إسرائيل الكبرى’

●.. وكأنهم لم يروا (نجمة داوود) الزرقاء في وسط الراية اليهودية الغبراء التي تخفق في سماء بلادهم، رامزة إلى (دولة الملك داوود) التي يريدون اليوم استعادتها تحت مسمى (إسرائيل الكبرى) حيث كانت تمثل في الماضي أقصى الحدود التي وصل إليها أسلاف اليهود، قبل أن يحرموا من الاصطفاء ويلعنوا على ألسنة الأنبياء .. بمن فيهم داوود عليه السلام.. !

●.. وكأن ساستنا المثقفين كذلك لم يروا في حياتهم صور قطعة العملة المعدنية الإسرائيلية (الياغورا) التي يتداولها شعب (ياهوا المختار) وهي منقوش عليها بصورة واضحة خريطة إسرائيل الكبري، ليظل تداولها ” تذكارا ” لشعب العصابات المحاربة الصهيونية – مدنية كانت أو عسكرية – في معاملاتهم المالية اليومية، للتذكير بحدود دولة المستقبل الخالصة لأصحاب الديانة اليهودية..!

الولايات المتحدة الإبراهيمية.. الوجه الجديد لإسرائيل الكبرى تحت غطاء ‘التطبيع’!

●.. وكأن هؤلاء الزعماء الذين وقَّع غالبيتهم – بانتظار بقيتهم – على ما يسمى (اتفاقية إبراهيم).. لم يعلموا أن حقيقة تلك الاتفاقية هي الدعوة إلى الهيمنة الإدارية اليهودية على ما يسمى (مسار إبراهيم) الذي يدَّعون أنه أول أنبيائهم، وذلك تحت مسمى (الولايات المتحدة الإبراهيمية) وهو المسار الذي سار في طرقه إبراهيم – عليه السلام – خلال هجراته وتنقلاته من العراق التي ولد بها، إلى الشام التي بنى فيها المسجد الأقصى، ومرورا بمصر التي تزوج منها هاجر، ووصولا إلى مكة التي بنى بها الكعبة المشرفة..!

ترامب يطلب لإسرائيل أن ‘تتمدد’.. وزعماؤنا يساعدونها بالصمت والتطبيع!

●.. وكأن ساسة العرب هؤلاء لم يسمعوا ترامب الكذوب وهو يتأسف منذ وقت قريب على أن إخوانه في الصهيونية.. دولتهم العدوانية لم تأخذ حقها في أن تظل ” باقية تتمدد” ، قائلا : ” إسرائيل” بلد صغير، يحتاج إلى توسع كثير ..!!

مجزرة غزة ليست النهاية.. بل البوابة لـ”إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى سيناء!

●.. وكأن هؤلاء الساسة – عربًا وعجمُا – لم يشاهدوا (متفرجين) مع جماهير شعوبهم المقهورة .. كيف أحرق أبالسة تل أبيب بدعم من شياطين واشنطن.. مدينة غزة الأبية، الباقية من الأرض الفلسطينية، بغرض ضمها لحدود دولة اليهود، بعد تهجير سكانها، تمهيدا – بحسب زعمهم واعتقادهم – لاستعادة سيناء (المقدسة) المملوكة كلها لهم – حسب زعمهم – لأنها كان بها غالب تاريخهم مع أعظم أنبيائهم، موسى عليه السلام ..!

لن يُحرر فلسطينَ علمانيون.. بل جيلٌ يعتصم بملة إبراهيم!

●.. لكل هذا نقول: إن نصر الله وولايته وتأييده للذين سيُخرجون شعب إبليس المختار من سائر ما اغتصبوه من الديار، في فلسطين وغيرها…. لن يكون تحت رايات العلمانيين المتسابقين للتوقيع على (اتفاقات إبراهيم) بل بسواعد المستقيمين على ملة أبينا إبراهيم..

فاللهم كن مع طلائع الذين سيجوسون خلال الديار .. يا قوي يا جبار ..وأيدهم بقوتك وحولك..في بلاد الأقصى الذي باركت حوله.. وفي البلاد حوله ..

اللهم آمين.

المصدر

صفحة د. عبدالعزيز كامل، على منصة ميتا.

اقرأ أيضا

محورية البعد الديني في صراعنا مع اليهود

حوارات مهمة (٣) الجبرية.. بين أهل الكتاب وأهل الإسلام

التطبيع مع الصهاينة مظاهر وأحكام

التعليقات غير متاحة