69 – مفهوم 9: أهمية العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا
لا شك أن شرف العلم من شرف المعلوم، ولما كان المعلوم بدراسة الأسماء والصفات هو الله عزّ وجلّ كان هذا العلم هو أشرف العلوم.
وإذا كانت المفاهيم السابقة قد أوضحت: أصول توحيد الأسماء والصفات، والمخالفين لهذه الأصول ومذاهبهم وشبههم، والرد عليهم، فإن كل هذا هو بمثابة مقدمات ضرورية لفهم هذا العلم الشريف وإزاحة الران وغبار شبه المبطلين عن قلب العبد المؤمن؛ وذلك لتهيئته للإيمان بهذه الصفات العليا إيمانًا سويًّا كاملًا، وإدراك آثار ذلك الإيمان؛ فهذا هو الغرض الأول والأساس من معرفة الأسماء والصفات: التعبد لله سبحانه بها، والعمل بمقتضاها؛ كما قال تعالى: (وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ) [الأعراف:180]، فتأمل كيف نصَّت الآية على دعاء الله بأسمائه الحسنى -وتلك هي العبادة- وكيف أمرتْ في آخرها بترك المخالفين في هذا الباب والبعد عن مناهجهم الضالة التي سيحاسبون عليها يوم القيامة!
وفيما يلي أمور -سوى ما سبق- تبين أهمية هذا العلم وشرفه:
1 – أن العلم بأسماء الله وصفاته هو أصل العلوم، وأساس الإيمان، وأول الواجبات؛ كما قال تعالى: (فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ)[محمد:19]، فإذا علم الناس ربهم حققوا عبادته على الوجه الصحيح، وأدركوا حقيقة الدنيا وما يراد منهم فيها، والله سبحانه قد وصف نفسه بأن (لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ)[الأعراف:54]، وكل معلوم سوى الله إمَّا أن يكون خلقًا أو أمرًا، والآية توضح أن مصدر الخلق والأمر هو الله ذو الأسماء الحسنى والصفات العليا، فلهذا كان إحصاء الصفات هو أصل إحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات مرتبطة بالصفات ومن مقتضاها.
2 – يستدل بما عُلم من صفات الله تعالى على ما يقدره من الأقدار وما يشرعه من الأحكام؛ فأقدار الله وأحكامه دائرة بين العدل، والفضل، والحكمة، والرحمة، ومن يعلم ذلك عن ربه لا يسيء الظن به سبحانه، ولا يعترض على أقداره ولا أحكامه.
3 – التلازم الوثيق بين صفات الله تعالى وما تقتضيه من عبادات ظاهرة وباطنة؛ فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجبات العلم بها وتحقيق معرفتها كما سيتضح في ثمرات العلم بالأسماء والصفات.
4 – تدبر معاني أسماء الله وإدراك صفاته عزّ وجلّ يعين على تدبر كتاب الله تعالى المأمور به في غير ما آية من آياته؛ كما قال تعالى: (كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ) [ص:29].
5 – عدم معرفة العبد لأسماء الله وصفاته ينتج عنه آثار سيئة ونتائج وخيمة في حياته.
6 – المعرفة الحقة لأسماء الله وصفاته هي اللبنة الأساسية في التربية الإسلامية؛ حيث يتربَّى الناشئ المسلم على أن الله هو: الخالق البارئ، الرزاق، النافع الضار، المحيي المميت، مالك يوم الدين والجزاء، …إلخ، ولذلك ثمار عظمى في قلب المؤمن، وعبادته، وسلوكه وأخلاقه.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445