60 – مفهوم 11: أقوال جامعة في الحكام
ومن الأقوال البليغة الجامعة في الحكام:
1 – الحاكم الصالح هو من يُعظِّم أمر الله ورسوله، ويحمي شرعه ويخضع له، لا من يجعل طاعته دِينًا يُقَدَّم على طاعة الله ورسوله.
2 – الأمة التي تقدم طاعة السلطان على طاعة الرحمن أمة دنيا لا أمة دين، فهي مخذولة غير منصورة.
3 – نصيحة الحاكم ليست سرًّا أو جهرًا في كل الأحوال، وإنما بحسب المصلحة وما يقتضيه الموقف، والاعتدال في ذلك هو منهج السلف.
4 – الحاكم الظالم لا يقدر على الظلم وحده دون معاونة أو تأييد من الحاشية والناس؛ وقد قال فرعون لقومه: (ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ) [غافر:26].
5 – بطانة السوء ليست هي التي تغرس الشر في نفس السلطان الظالم، بل الشر متجذِّر فيه، وهو من اختار هذه البطانة وأبعد بطانة الخير، وإنما سقت بطانة السوء غرسه فقط؛ ولذا فإن الله يعاقب الظالم وبطانته على السواء.
6 – تحرص بطانة السوء على معرفة هوى السلطان ورغباته فتحرضه عليها – ولو بلا قناعة منها- للتقرب إليه ونيل حظوته؛ قال تعالى: (وَقَال ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَ) [الأعراف:127].
7 – من علامات السوء للحاكم أن يُسخِّر الله له بطانة سوء أو قرين سوء يزين له عمله؛ قال تعالى: (وَقَيَّضۡنَا لَهُمۡ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ) [فصلت:25].
8 – الطاغية لا يصنع نفسه، إنما يصنعه الناس؛ قال تعالى عن فرعون وقومه: (فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ) [الزخرف:54].
9 – إذا أراد الحاكم الظالم البطش بأحد اختلق الحجج والتهم الواهية ليبرر فعله؛ ففرعون لمَّا أراد البطش بالسحرة لإيمانهم برب موسى وإحراجه أمام الملأ قال: (ءَامَنتُمۡ لَهُۥ قَبۡلَ أَنۡ ءَاذَنَ لَكُمۡۖ إِنَّهُۥ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحۡرَۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابٗا وَأَبۡقَىٰ) [طه:71]، فهل كان فرعون سيأذن لهم بالإيمان لو طلبوا منه ذلك؟! واتهم موسى عليه السلام بتبديل الدين والإفساد في الأرض؛ قال تعالى: (وَقَال فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ) [غافر:26].
10 – لا يخلو زمن من الغلو في طاعة الحكام على حساب الشرع، والتوسط في حقهم عزيز.
11 – من يقدح في العلماء والدعاة والمجاهدين ويتتبع زلاتهم، ويغض الطرف عن طوام الحكام فمنطلقه في ذلك الهوى لا الدين.
12 – حق الشعوب على حكامهم عظيم مقدم على حق والديهم؛ فيوسف عليه السلام لم يذهب إلى والديه بعد طول غياب، وإنما قال: (وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ) [يوسف:93]، وإنما فعل ذلك لحق رعيته عليه، فينبغي بيان ذلك كما يبين حق الحاكم على رعيته.
13 – لم يأذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما يراه هو، وإنما بما يريه ربه؛ قال تعالى: (إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُ) [النساء:105]، فكيف بمن هم دونه صلى الله عليه وسلم.
14 – من استحلَّ الحرام، أو حرَّم الحلال من الحكام فليس بحاكم شرعي ولا ولي لأمر المسلمين، أمَّا من أثبت الحلال والحرام وأذعن لشريعة الرحمن، ثم خالف ذلك بفعله فهو حاكم شرعي يُستصلح ولا يُنازع [يراجع المفهوم 1074 (مفهوم 6 في السياسة الشرعية)].
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم