113 – مفهوم 3: أصل خلق الملائكة وأصل خلق إبليس
الملائكة مخلوقون من نور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خُلِقَتْ الملائكة من نور، وخُلِقَ الجان من مارج من نار، وخُلِقَ آدم مما وُصِفَ لكم) [رواه مسلم (2996)]، وفي ذلك إشارة إلى أنهم مهتدون إلى الحق، فلا يعصون ربهم ولا يستكبرون.
أما إبليس فليس من الملائكة قطعًا، ولا يصح ادِّعاء ذلك اعتمادًا على أنه أُمِرَ بالسجود لآدم كما قال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَ) [الأعراف:12]، وأن الله سبحانه قد صرَّح بأن الأمر بالسجود كان للملائكة كما قال تعالى: (وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ) [البقرة:34]، لا يصح ذلك الادعاء للآتي:
1 – أن الله سبحانه قد صرَّح بأن إبليس من الجن؛ قال تعالى: (وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ) [الكهف:50] .
2 – أن استثناء إبليس من سجود الملائكة في جميع الآيات الواردة بذلك هو استثناء منقطع؛ أي أن المستثنى فيها كلها ليس من جنس المستثنى منه، وهو أسلوب استدراك بمعنى (لكن)، وقد دل على ذلك: التصريح في سورة الكهف بأن إبليس من الجن.
3 – أن إبليس نفسه لم يزعم أنه من الملائكة، بل صرَّح أنه خلق من نار: (قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ) [الأعراف:12]؛ فهو من الجن إذًا كما صرَّح الله تعالى، وكما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الجن هم المخلوقون من نار.
وقد توجه الأمر لإبليس بالسجود مع الملائكة مع أنه ليس منهم لأنه كان في بادئ أمره يظهر العبادة والطاعة لله عزّ وجلّ والاجتهاد في ذلك، فامتُحِنَ بالأمر بالسجود مع الملائكة لآدم، فظهرت حينئذ طبيعته النارية التي تتسم بالخفة والطيش والاستكبار.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445