0372 عَجْزُ العلم عن إدراك بعض الأمور لا يقتضي ردَّها

372 – مفهوم 5: عَجْزُ العلم عن إدراك بعض الأمور لا يقتضي ردَّها

عَجْزُ العلم عن إدراك بعض الأمور لا يقتضي ردَّها ورفضها بإطلاق، كما لا يعني قبولها بإطلاق والتسليم بكل خرافة والجري وراء كل أسطورة. وإنما ينبغي للعلم وأهله إزاء ذلك التوسط والتوقف في الأمر حتى يتمكن بوسائله المتاحة من إدراك ما قد يعجز عن فهمه، أو يُسلِّم بأن في الأمر شيئًا فوق قدرته وحدوده، ويحسب للمجهول في هذا الكون حسابه، ومن الأمثلة التي توضح ذلك:

  • قد يرى المرء رؤيا في منامه فتقع مستقبلاً كما رآها؛ فالعلم الدنيوي يعجز عن تفسير مثل ذلك، وقد شهد الشرع لصحة وقوعه؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا إقترب الزمن لم تكد تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) [رواه البخارى (7017)].
  • ما يعرف بظاهرة «التخاطر»: حيث تتوارد الخواطر بين اثنين مع بعدهما عن بعضهما البعض؛ مثال ذلك ما وقع بين عمر بن الخطاب رضي الله عنهوالصحابي سارية بن زنيم الدؤلي رضي الله عنه حيث كان عمر رضي الله عنه يخطب الجمعة على المنبر في المدينة المنورة، وفي الوقت ذاته يقاتل سارية الفرس في نهاوند، فورد في خاطر عمر أن سارية محاصر من الفرس ويكاد جيشه ينكسر، فنادى عمر بأعلى صوته: «يا ساريةُ! الجبلَ الجبلَ»؛ أى تحصَّن بالجبل، وكان بجوار سارية وجيشه جبلٌ، فسمع سارية صوتًا ينادي بمثل ما قاله عمر، فتحصَّن بالجبل وواجه الفرس، فما لبث إلا ساعة ثم فتح الله عليه. [ينظر القصة بتفاصيلها في تاريخ دمشق (20/25)، والبداية والنهاية (7/130)]؛ فمثل هذا يعجز العلم أيضًا عن تفسيره، ويُعدُّ من كرامات الأولياء، وهو مما يجريه الله على يد بعض أوليائه من خوارق العادات تثبيتًا لهم على الحق ونصرة له. وشرط صحة الكرامة أن تكون من وليٍّ لله تعالى، وكل مؤمن تقي هو من أولياء الله تعالى؛ قال الله تعالى (أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ (٦٢) ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) [يونس:63،62].

وربما يحدث مثل ذلك التخاطر أو غيره من التأثير في حواس الناس وأفكارهم ويكون من قبيل السحر والشعوذة والاستعانة بشياطين الجن، وقد أثبت القرآن كُلًّا من السحر وما يقوم به الجن من خوارق، وأرشد الى كيفية التحصن من ذلك.

التعليقات غير متاحة