36 – مفهوم 9: خطأ دعوى زوال الشرك واستقرار العقيدة
يتوهم البعض أن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن قد زال بهما الشرك واستقر التوحيد، فلا داعي إذًا للبدء في الدعوة بالعقيدة ما دامت موجودة ومستقرة.
وجواب ذلك أن الذي زال ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن هو إطباق الجاهلية على أرجاء المعمورة في الزمان والمكان؛ فلن تزال العقيدة الصحيحة في نواحٍ من الأرض وإن غابت عن نواحٍ أخرى، وهذا لا ينفي ظهور الشرك وانتشاره في أماكن عديدة من الأرض، بل حتى في بعض ديار المسلمين؛ حيث يظهر فيها في مجالات عديدة مثل:
– انتشار الطواف حول القبور، والاستغاثة بالأولياء وطلب شفاعتهم، والذبح والنذر لهم.
– اعتقاد عصمة الأولياء والمشايخ، وعلمهم الغيب، وقضائهم للحوائج.
– ذهاب الناس إلى الكهنة والسحرة وأهل الشعوذة سعيًا لمعرفة الغيب، وفك السحر، واستعانة بهم بعد الاستجابة لمطالبهم الشركية الشيطانية.
– تنحية شرع الله عن الحكم في جل بلاد المسلمين، وتحاكم الناس بدلا من ذلك إلى الطاغوت الظالم الجاهل، وعلو نجم الفكر العلماني التحرري المزعوم.
– قيام ولاءات أكثر الناس اليوم على غير العقيدة من: جنس، أو وطن، أو قوم، …إلخ. بل انعقد الولاء لأعداء الله من اليهود والنصارى، وغيرهم من أهل الشرك والإلحاد.
والقرآن نفسه يقرر حقيقة بقاء الشرك وانتشاره بين عموم الناس رغم ظهور الحق وكثرة أهله؛ فقد قال الله تعالى: (وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ) [يوسف:103]، وقال تعالى: (وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ) [يوسف:106]، وقـال تعالى: (وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ)[الأنعام:116].
فهل بعد هذا كله مجال لقول من يقول: إن عقيدة الأمة بخير، وإن الحديث حول مسائل العقيدة أمر مبالغ فيه؟!
المصدر:كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم