الغزو الأوربى للدول الإسلامية كان بمثابة التمهيد للحكم الجبري، وإلغاء الشريعة الإسلامية.

ظهور ظاهرة غُربة الدِّين

ظهرت ظاهرة غُربة الدِّين مع مجيء الحكام الجبريين، سواء في النظام العالمي،أو الأنظمة المحلية، و تفاقمت هذه الغربة في وقت كان فيه النصارى الإنجليز (البروتستانت) هم سادة العالم ، وكان ينافسهم في ذلك النصارى الفرنسيون(الكاثوليك)..وبعد أن تآمر الطرفان بمعاونة قوى أخرى على إسقاط الخلافة التركية؛ تناوبا السيطرة بالقهر على مقاليد البلاد العربية والإسلامية , بعد تقسيمها بمقتضى معاهدة (سايكس /بيكو) ..

رحيل المستعمر وتركه وكلاء محليين

بداية الجبر كانت في صورة الاستعمار الغربي الصليبي، ، الذي لم تَنجُ منه من بلاد المسلمين إلا بعض أجزاء جزيرة العرب، ثم بدَا للقوى الجبرية الغازية أن ترحل تاركة وراءها (وكلاء) محليين، مارسوا الجبر والقهر نيابة عن المستعمرين، وظلوا يعملوا لحساب الجبرية العالمية التي تبلورت في نظام عالمي بدأ بعد الحرب العالمية الأولى، تحت مسمى(عُصبة الأمم)..ثم تطور بعد الحرب العالمية الثانية فيما عرف ب(الأمم المتحدة) . ولكن تحت قيادة عالمية جبرية جديدة من الدول الكبرى المنتصرة في تلك الحرب، وبزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ أن تسلمت الولايات المتحدة من بريطانيا وفرنسا زمام قيادة العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية .. لم يشهد التاريخ ما بلغته تلك الامبراطورية من علوٍّ وعتوّ ..

بداية المرحلة الجبرية

التزامن التاريخي بين مرحلة الجبرية و(العلو الكبير..)

أخبر صريح القرآن بأن لبني إسرائيل في الزمان عُلوان كبيران، كما جاء في سورة الإسراء ( وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا)[الإسراء: ٤]

ولا نشك أن (العلوّ الكبير) والأخير لأهل الكتاب هو ما يعايشه العالم المعاصر منذ نحو قرن، مقترنا(بالدنوّ الكبير) الذي وقعت فيه أمَّة الإسلام تحت قهر النُظم الجبرية العالمية ووكيلاتها المحلية..

متى تلاقحت نظريات قوى الجبروت العالمية؟

تلاقحت نظريات قوى الجبروت العالمية؛ عندما تلاقت مصالح ومطامح الصهيونيتين (اليهودية والنصرانية) فما هى الصهيونية؟

الصهيونية ليست خاصة باليهود وحدهم – بل هي تشمل كل من سعى ويسعى” لإعادة مجد إسرائيل على جبل صهيون” كما هو تعريف دائرة المعارف البريطانية لمصطلح الصهيونية، والمعنى المقصود لهذا المصطلح باختصار؛ هو [ السعي لإعادة بناء الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى، بعد إقامة دولة لليهود ببيت المقدس، عاصمتها القدس، وقِبلتها هيكل سليمان، ثم التمدُّد لاستكمال خريطة (وعد إبراهيم)أو إسرائيل الكبرى من النيل للفرات ، ثم الاستعداد.. لاستقبال (المسيح المنتظر) ليقودهم في قيادة العالم ..!!] وهذا يمثل أهداف الحركه الصهيونية.

وكل هذه الاهداف المستقبلية لكفار أهل الكتاب؛ استدعت وفرضت ضرورة قهر الأمَّة وجبرها من خلال حُكامها، لتحقيق تلك المؤامرات بترتيبها.

أهداف الحركة الصهيونية

التهيئة لاستقبال عصر الدجال

الاستعداد أو التهيئة لاستقبال عصر الدجَّال، الذي يُمَثّل في حقيقته المسيح المنتظر عند اليهود. والنصارى؛ هو – على وجه الخصوص- سر العامل المشترك ، للتعاون المشترك بين الصهيونيتين ؛ اليهودية والمسيحية، حيث تتفقان على كل خطوات العمل قبل قدوم ذلك المخلص الموهوم، المتفق بينهما على حتمية عودته، والمختلف على تعيين شخصيته..!

وكل مُطلِع على تاريخ التعاون المشؤوم بين كفار أهل الكتاب المعاصرين؛ يدرك أن “الصهيونية المسيحية” كانت الأسبق والأخطر من الصهيونية اليهودية، فالأولى هي التي أنشأت الثانية وأمدتها بوسائل القوة والفُتوة،  فكانت الحبل الممدود لهم من الناس، طمعًا في الالتقاء والتوافق الديني في نهاية الطريق..!

ولهذا نقول؛ إن أكبر ضحايا الجبرية العالمية في عُلوها الكبير؛ هو أمَّة الإسلام في دُنوها واستضعافُِها المُحير والمثير..!

انتهاء الجبريات المحلية بانتهاء الجبرية العالمية

إنه ، وبقدر العلوّ الراهن لقوى الذين كفروا من أهل الكتاب في الأرض بقيادة أمريكا؛ استعلت وتجبرت تلك الامبراطورية على حكام البلدان التابعة لها واستغلتهم، وبخاصة حكام العرب والمسلمين.

ولهذا نقول إن كل الأنظمة في المنطقة؛ من ممالك وإمارات وجمهوريات منذ سقوط الخلافة؛ دخلت في نظام الحكم الجبري بنسب متفاوتة ، والقاسم المشترك بينها؛ كان تغييب الشريعة عن الحُكم والتحَاكم ، فكان الجبر – لا العدل – هو أساس الملك، وظلت الحرية أسيرة الجبرية، التي يُجبر الناس فيها على أكثر تصاريف حياتهم اليومية ، من خلال سياسات وقوانين جَبرية غير شرعية.

وكل هذا يُؤشر على أن هناك تلازُما بين بقاء الجبرية العالمية في عُلوها الكبير، وبين انتهاء الجَبريات المحلية التي ستفنى عقبها بوقت قصير، عندما يأذن الله تعالى بتحقق قوله سبحانه : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء/٧)

يُتبع ،باذن الله

اقرأ أيضا:

 

 

 

التعليقات غير متاحة