بين إيران والغرب

صراع العمالقة على أرضنا.. حين تتقاطع الأساطير والمصالح فوق جراح الأمة

هجوم محسوب هنا، ورد منتظر هناك..
فهل ما يجري مجرد مسرحية دولية أم تصادم حقيقي بين مشروعات كبرى على حساب أمتنا؟

مشهد معقد في ساحة الصراع

الهجوم المحسوب من دولة الرفض على دولة المسخ مؤخرا؛ ينبغي فهمه ضمن سياق سباق المشروعات على أرضنا، أرض النبوات النبوءات..فالصليبية الغربية وصنيعتها الصهيونية من جهة؛ ودولة الفرس الرافضية من جهة أخرى؛ يتحالفان أو يتخالفان بقدر مصالحهما التي من أهمها الإضرار بعموم المسلمين من أهل السنة.

عدوان متبادل.. ثم صراع محتوم!

  • والعداء بين اللدودين المعاصرين في الشرق والغرب تاريخي وحقيقي، تماما كما كان العداء تاريخيا وحقيقيا بين الفرس والروم، فهما للآن أمتان متنافستان متصارعتان، وستبقيان بوصفهما واسمهما إلى آخر الزمان..
  • صحيح أن بين أعداء أمتنا شرقا وغربا تقاطع مصالح وتقاسم مغانم على حسابنا وفوق أراضينا؛ لكن ذلك لا ينفي أن المصالح كثيرا ما تتضارب، والمقتسمون كثيرا ما يتصارعون، عندما يتخطى طرف الخطوط الحمر لدى الطرف الآخر ، أو يسعي أحدهما للجور على جاره في توزيع المغانم أو تحمل المغارم..

إيران وتجاوز الخطوط الحمراء

  • ومن الواضح جدا أن إيران تخطت بمشروعها الشيعي كثيرا من الخطوط الحمر التي وضعها لها أصحاب المشروع الصليبي والمشروع التلمودي منذ بداية الثورة الخمينية، وكذلك فإن دولة يهوذا وحلفاءها قد نالوا من دولة الفرس في السنوات والأشهر الأخيرة ما كسر كبرياءها وأهان سيادتها من خلال عمليات استهداف بالقتل لكبار مسؤوليها ومخططيها العسكريين، مباشرة وحقيقة، وليس مسرحية ولا تمثيلية ..
  • كذلك فإن إيران التي تسعى لاستعادة امبراطورية فارس بسيطرتها الكاملة على العراق وجزيرة العرب والشام وربما مصر؛ لن يتفرج عليها قارونات العصر في أمريكا والغرب وهي تنافسهم على أخطر بقاع العالم في الثروات والممرات والأهمية الاستراتيجية، كما هو الحال في تحكم إيران في مضيق هرمز وباب المندب اللذين يؤثران على قناة السويس ، وكلها لها تأثيراتها الضخمة على الملاحة والتجارة الدولية، كما اتضح من تسليط الحوثيين على المضيق اليمني.
  • وإذا أضيف لذلك أن دولة الفرس المعاصرة تمضي بعيدا في تحالف استراتيجي يتنامي مع أكبر الأعداء الشرقيين للغرب (روسيا والصين وكوريا الشمالية) بما أعاد أجواء الحرب الباردة، القابلة للتحول إلى حرب عالمية ساخنة.. فإن الكلام هنا عن صراع تمثيلي أو مسرحي؛ هو تبسيط مخل، بل تسطيح ممل..نحن أمام صراع ممتد لأطماع بلا حد.

بعد الهجوم الإيراني.. انتظار الرد الإسرائيلي

كثر الجدل مؤخرا بعد الهجوم الإيراني المحسوب؛ على الهجوم الإسرائيلي المقصود ، وسيزداد الجدل بعد الرد الإسرائيلي الحتمي المنتظر، والذي لن يضيع “النتن” فرصته، لتقويض طموحات إيران الإقليمية وتعطيل نواياها النووية، بتأييد من الداعم الغربي والمتفرج العربي. وهو ما قد يوسع الدائرة المكانية والزمانية لتداعيات طوفان الأقصى؛ كما توقعت ذلك مكتوبا منذ الساعات الأولى لذلك الطوفان ..

ثلاث مشاريع كبرى تتصارع على أرضنا

نحن اليوم في قلب صراع بين ثلاث مشاريع كبرى:

  1. المشروع اليهودي العالمي بقيادة إسرائيل.

  2. المشروع الصليبي الغربي بقيادة أمريكا.

  3. المشروع الشيعي بقيادة إيران.

والمشترك بينهم: استهداف أهل السنة في مقدراتهم ومقدساتهم ومستقبل أجيالهم.

أولًا: المشروع اليهودي العالمي

  • المشروع اليهودي العالمي يدور حول حتمية بقاء القدس عاصمة موحدة أبدية للدولة اليهودية، وأصحابه في العالم يسعون لتثبيت احتلال المدينة المقدسة والتوسع حولها لاستكمال مملكة داوود التاريخية الممتدة من النيل إلى الفرات، والتي أسموها سابقا (إسرائيل الكبرى) ثم طوروها لاحقا إلى (الولايات المتحدة الإبراهيمية) ساعين لاستكمال معالمها باستعادة قبلة اليهود بإعادة بناء هيكلهم الثالث فوق ركام مسجدنا الأقصى..
  • ذلك بعد ذبحهم (البقرة الحمراء العاشرة) التي أعلنوا منذ عامين أنهم عثروا على خمسة، وهم بانتظار بلوغها ثلاث سنين ليذبحوا إحداها ثم يحرقوها ليتطهر برمادها المخلوط بالماء شعبهم النجس الملعون على ألسنة النبيين، وكي يتهيأ بمائها حاخامتهم بعد التطهر المزعوم لدخول “قدس الأقداس” بهيكل سليمان الذي اكتملت خططهم الهندسية لبنائه منتظرين عهد استقبال مسيحهم الموعود، الذي يعدونه آخر أنبياء اليهود.

ثانيًا: المشروع الصليبي الغربي

  • ومشروع الصليبيين الغربيين لا يختلف كثيرا من الناحية الدينية عن مشروع الصهيونية ، غير أنه من زواياه المادية يعد بلادنا العربية – بعد إسقاط الخلافة – مناطق نفوذ، لا يمكن السماح بمنافسين فيها على الهيمنة، من داخلها أو خارجها، سواء في الحاضر؛ لاعتبارات جشع مادية ونزعات كبر حضارية. أو المستقبل؛ لنبوءات أوهام إنجيلية، تتعلق بقدسية القدس، التي يجمع النصارى على الاعتقاد بقرب عودة مسيحهم الخاص بهم إليها ليقود منها العالم النصراني أو (المليار الذهبي) بعد سلاسل من الحروب والأوبئة والمجاعات كما جاء في أناجيلهم المحرفة من تنبؤات ..

ثالثًا: المشروع الصفوي الشيعي

  • أما مشروع دولة الفرس الشيعية فيقوم دنيويا على مخطط الهيمنة على ما يعده الإيرانيون حقوقا تاريخية في البلاد المحيطة التي كان لها ارتباط قديم بالحضارة الفارسية، أو تلك العربية التي كانت تخضع للامبرطورية الكسروية، وذلك ضمن ما يعرف بـ( إيران الكبرى) التي تشمل اليوم بنظرهم غالبية بلاد القوقاز والعراق وأفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، وغرب الهند.
  • لذلك فالفرس اليوم احتلوا أربع عواصم عربية؛ ويطمحون للسيطرة على بقية جزيرة العرب كلها لإخضاعها، ثم السيطرة بعدها على الحرمين الشريفين .. هادفين بذلك في النهاية للتمهيد لخروج مهديهم المكذوب بعد مزيد من الفتن والملاحم والحروب، التي يهلك فيها ثلثا سكان العالم، بحسب مراجعهم الأصلية المذهبية، ومرجعياتهم الطائفية..!

أهل السنة بلا مشروع جامع ولا كيان قائد

  • وبكل أسف فإن هذه الخرافات والأساطير؛ هي التي تحفز الجيوش وتحرك الأساطيل، عند أصحاب المشروعات الثلاثة، التي تصارعت وتتصارع وستظل تتصارع حولنا وعلى أرضنا – نحن أهل السنة والجماعة – مادمنا – وحدنا – الذين لا يجمعنا مشروع ناهض مواجه، ولا كيان رائد قائد موجه ..

الأمل بالله وحده

غير أن أملنا في الله أن يتيقظ المسلمون على وقع الأحداث القائمة والقادمة، وأن يمن – سبحانه –  على الذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين ويمكن لهم في الأرض، ويحبط مكر كل الماكرين بهم ، كما رد كيد الكائدين قبلهم، فهو القائل سبحانه: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النحل: 26].

المصدر

صفحة الدكتور عبد العزيز كامل.

اقرأ أيضا

نقاط حاكمة في فهم أحداث المنطقة

المشروع السني.. أين.. وإلى أين..؟

التعليقات غير متاحة